الشعر العربي يتجلى بعالميته في بيت الشعر في الشارقة

بيت الشعر | الشارقة

حضرها منتسبو ورشة فن الشعر والعروض

بعد أن اختتم ورشة فن الشعر والعروض التي أقيمت في الفترة من 7 إلى 21 مارس 2022، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية احتفاءً باليوم العالمي للشعر، شارك فيها كلٌّ من علي الشعالي من الإمارات، والشاذلي القرواشي من تونس، وحنان فرفور من لبنان، ومحمد العموش من الأردن، بحضور الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، وجمهور لافت من الشعراء والمثقفين ومحبي الشعر، وقدمها الشاعر الإعلامي جمال الملا.
افتتح الأمسية الشاعر التونسي الشاذلي القرواشي، بقصيدة أهداها إلى إمارة الشارقة، ذكر فيها الدور الكبير الذي توليه للثقافة والأدب والفنون في ظل رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، ومن القصيدة قرأ:

سَمَّـيْتُ كُلَّ الْــــــوَرْدِ شَارِقَـــةً
أَنْتِ الْحَقِيقَةُ وَالْـــــوُجُودُ صَدَى

يَأْتِيكِ مَحْــــزُونٌ عَـــــلَى وَهَــنٍ
حَـتَّى إِذَا وَصَلَ الْحِيَـــاضَ شَدَا

مَاذَا أَرَى فِي الْقَلْبِ غَيْرَ رُؤَى؟
سَلَّمْتُـهُ لِلَّيْــــلِ مُــتَّـــــقِـــدَا

وَأَذْبْـتُهُ فِي النَّايِ لَحْنَ صَبَـــــا
فَـــــرَبـَـا عَـــلَى الْأَشْجَــــانِ مُنْفَرِدَا

خَضَّبْتُ بِالْحِنَّــــاءِ أُغْنِيَــــتِي
وَفَرَشْتُ وِرْدَ الْعَـــــاشِقِينَ مَدَى

ثم واصل الحداء الآسر بقصائد تجلت فيها اللغة، وسافرت فيها المعاني عابرة سماوات الذات والأوطان وهي تغني للغيم والشجر والناس، للفرح والحزن، للقرب والفراق، ومن قصيدة “آخر الماشين”:

لَوْ كَانَ زَلْـزَلَنِي الْفِرَاقُ فَكَمْ
مِنْ قَـبْلِهِ قَدْ زُلْزِلَتْ أَعْصَابِي

أَمْضِي وَبِي عَطَشُ النِّيَاقِ فَيَا
كَمْ تَاهَتِ الْأسْبَابُ بِالأسْبَابِ

وَرَأَيْتُ وَجْهِي فِـي الْمِيَاهِ فَهَلْ
رُوحِي تَهَاوَتْ فِي الْوُجُودِ الْكَابِي

ليؤكد الشاعر تشاركيته مع الكون والناس، من خلال نص عنوانه يشي بمضمونه “فرّقتُ ذاتي” منها:

إِنّي هُنا في تُخوم الحَرْفِ مُشْتَعِلٌ
مُذْ لاحَ جِسْمِي إلى الماشين نارَ قِرى
طَوَّفْتُ بالدّمع حتّى ضَـــمَّنِي وَلَـــهٌ
فغبـــتُ في بَاحَةِ الْأَرْوَاحِ مُسْـــتَتِـرا
ولَوْ قدرتُ.. لَمَــــاء الْغَـــيْبِ جِئْتُ بِهِ
لكنّ رَسْمِي عــــلى حَـدِّ الثّـرى أثرا

الشاعرة اللبنانية حنان فرفور تجلت بثقة الحضور وهي تقرأ نصوصاً تنتزع الفرح من شجن الناي، وتسرح صوت الوجد في طرقات الحنين، وتوزّع ضوء حضورها على الفراغ فيتسلل بخفة ليطرب الذائقة، وافتتحت قراءاتها بأبيات منها:

حزينا بالذي في النأي قد قيلا
أسرّح صوت من بانوا ومن قالوا
أشدّ الدربَ شوقا من مفارقها
لأنّ الخطو تلو الخطو قتّالُ
فتلمع في الفراغ المر غرّتها
كأن الشيب تحت الضوء سنسالُ
وآتي لا كما يأتي الغريب على،
حقائبه بنصف الدفء يحتالُ

وعرجت فرفور بنصوصها على قضايا الذات والإنسان وهي تستشرف من الضوء ما تحلم به أنثى المواويل لمستقبل يتساقط طرباً على النهر، ومن “نبوءة امرأة”:

قالوا المغيب.. وسالَتْ من رَحى الشّهبِ
كأنّ ضوءًا بهذا الليل لم يغِبِ

أنثى المواويل -لا وحيٌ- وآيتُها
سَكْبُ الحساسين في تغريبةِ التعبِ

مرَّتْ على حُلُم الغاباتِ حافيةً
فاسّاقطَ النهرُ مغشيًّا …على القصبِ

الشاعر محمد العموش قرأ نصوصاً نالت الإعجاب، واستطاعت بلغتها من التسلل إلى القلوب، وافتتح قراءاته بأبيات أهداها لصاحب السمو حاكم الشارقة منها:

لك سيّدي في المَكرماتِ علوُّ
شأنُ القواسم رفعةً وسموُّ

ظمئتْ إلى الماء الزلالِ مدينتي
فـَرَنتْ إليكَ ، لأنك المرجوّ

فوسمتَها شرفاً بأوّلِ غيمةٍ
فارَ الربيعُ بها وفاحَ الجـَـوُّ

فمدينتي مذ أروِيتْ فتـّـانةٌ
والشـِّـعرُ مذ أكرمتَهُ مَـزهوُّ

وحلق العموش بعيداً في سماوات التجلي، وقرأ نصوصاً مشبعة بالحياة، نابضة بالدهشة، ومما قرأ:

وجرتي لغة القرآن مترعة
هدي القلوب ( ولم يجعل له عوجا )

لم أقبسِ النارَ في طـُـورِ الرُّؤى وَلـَـهاً
حتى رعيتُ قطيعَ المشتهى حـِجـَجـَا

ألقيتُ في لجة المرآة طـُـعم فمي
فاصطادني سمكُ التأويل مبتهجا

لا تسألوا الشاعرَ الصـُّـوفيّ عن فمهِ
بل فاسألوا السمك الزنديق كيف نجا؟!

اختتم القراءات الشعرية الشاعر الإماراتي علي الشعالي بقراءات أبحرت بمجدافي العمود والتفعيلة، فانساب بلغته العالية جمالا، ووظف رمزيته الشفيفة من خلال صورٍ تصطاد الذائقة وتورطها في الحب والقرب، وتبللها بمطر الشعر، ومن قصيدة “مطر”:

يا مَوكِبَ الريح ناشَدناك نافلةً
أنِخ رِحالَكَ في أَوْراقِنا عُمُرا

للْغَيمِ في حُجُراتِ الرُّوح أسئلةٌ
تُسابِق الزّفراتِ الحُمْرَ والمطرا

لما تَمَزَّق سَقْفُ الأرض فانْطَلقتْ
لُغاتُنا تُخْمِد البَرَّاقَ فَانفَجرا

له الرّبيعُ ولي أَحضانُ سَيّدتي
إنْ باركت خُطواتِ الحِبْر وازْدَهرا

ثم طاف بسفينة الشعر المدن، فعبر الموج طاووساً مزهوّاً برقة العبارة وألق المعنى، ليصل ببوحه إلى “مصر” فخاطبها بمحبة وشعر، وقال:

نَضّدوا اللؤلؤ يا أهل الجزيرة
وأجيبوا
جانبَ الطور جميعا
حيثما كلّم موسى الله..
وانداح النداءْ.

أبشروا.. فالأرض ماءْ.
أبشروا.. فالسقف ماءْ.

قِبلتي مصرُ، هَلُمُّوا
نزرع الغيم..
على أصقاعها
شيئًا فشيئا.. 

في ختام الأمسية كرم الشاعر محمد البريكي المشاركين في الأمسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى