متى أنا أكون؟
أحمد برقاوي
قالها شيخُ فلاسفةِ العقلِ
ومضى :
« أنا أفكر..
إذاً ..أنا أكونُ ».
فذهبتْ مثلاً عند العمي
وسكان السكون
ويرددها العقلُ المأسورُ
لماذا أنتَ صامتٌ
يا ابنَ الحياةِ!
اعتلي القمة كي يرى الخلق خلائقك
والوجود الزاهي بألوان الحياة
وقل لهم هذا أنا.
لماذا أنت صامت يا ابن الحياة
أخرجْ قلبكَ من صدركِ ،
وأعرضهُ على كفيكِ
يقطرُ عشقاً
وخاطبهم :
أنا عاشقٌ إذا أنا أكون .
إشرب من جرارِ “ذو الشرى” ِ
وأغتسل ،
ثم أحتضنها آلهةَ الحب ِ
واحتضنها ،
حتى إذا صارَ للأرض ِ
جناحان ،
وتطير وأنت تجوب من على ظهرها الكوان
قل لهم وأنت ِ في
ذروة النشوة الكبرى
أنا أسمو إذاً يكون.
لماذا أنتَ صامتٌ يا ابن الحياة..؟!
طل عليهم بعينين غارقتين
بحزن القَلِق المعنّى ،
ولا ترجو أحداً إشفاقاً وعطفا
ونادهم من ذروة حزن الكبرياء ِ :
أنا حزينٌ إذاً
أنا أكونْ .
قهقه وقهقه ،
حتى تسمعَ الوديانُ من لسانك
نشيدَ الفرح ِ ،
ينقلهُ الصدى ..
إلى السماءِ السابعة ِ ،
وقل لهم ..
وأنتَ في قمةِ الفرح ِ الراقص
أنا فرحٌ .. إذا ً
أنا أكون .
أضئْ بأناملك ِ الجدرانَ ،
وأرسم على الأفق ِ
جموحَ الريح ِ في ذاتك والبركان
ومن على الأفق ِ الغارق ِ بالألوان ِ
أصرخ بهم :
أنا إلهُ اللون ِ
إذاً.. أنا أكونْ.
حرر الكلام الضائع والمغترب ِ ِ
وراء قضبان السجونِ ،
وأقبية البلهاءِ من الحكماءِ ،
وعجائز معاجم الأولين
وشد أيكاً وغابات
وواحاتٍ نزقِ
يرتادها الباحثونَ
عن الدفءِ الجليل
وأصحاب القلق
وأكتب على أعلى صفحات ِ
القمم :
أنا الشاعرُ.. أذاً.. أنا أكون .
أصرخْ أمامَ الوثنِ المقدس ِ
من حجر ٍ كانَ أم
من كلام ِ وورق ،
وأصرخْ : بلاءات العقل الجسور
تردد في أنحاءِ الوجودِ ،
حتى يفهم الآخرون
متى الكائنُ _يا ابنَ الحياة _
حقاً ..يكون .