تفشي ” كورونا ” معاناة مضاعفة للأسرى الفلسطينيين 

علي أبوهلال | محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي

يُحيي الشعب الفلسطيني في 17 نيسان/ أبريل من كل عام “يوم الأسير”، وتأتي هذه الذكرى هذا العام في ظل واقع قاس وصعب للأسرى، من جرّاء سياسات الاحتلال الإسرائيلي الشديدة داخل السجون، بمزاعم الحرص على إجراءات الوقاية من فيروس كورونا.

يواجه حوالي 5 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية أشد أنواع القمع والعزل وسلب الحريات، يتعرضون فيها لأشكال التعذيب والتعنيف كالعزل الانفرادي، الإهمال الطبي، والحرمان من الرعاية الجسدية والنفسية. وستكون فعاليات إحياء الذكرى مختلفة عن الأعوام السابقة دون مسيرات ووقفات احتجاجية، بسبب حالة الطوارئ المعلنة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي دخلت شهرها الثاني، إثر تفشي فيروس كورونا. ومن الجدير بالذكر أنه في 17 نيسان/ أبريل من العام 1974، أقر المجلس الوطني الفلسطيني، خلال دورته العادية، ذلك التاريخ، يوما وطنيا للوفاء “للأسرى الفلسطينيين” داخل السجون الإسرائيلية.

تشير معطيات المؤسسات والهيئات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى، اعتقال نحو مليون فلسطيني منذ شهر حزيران عام 1967، وهو تاريخ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.

بلغ عدد القابعين داخل السجون في العام الجاري 2020، حوالي 5 آلاف معتقل، وفق نادي الأسير، ومن بين إجمالي المعتقلين، نحو 130 طفلا، في معتقلات “عوفر”، غرب رام الله، و”مجيدو”، و”الدامون”. وبلغ عدد المعتقلين المرضى حتى مطلع نيسان/ أبريل الجاري، قرابة 700 معتقل، بينهم 300 حالة مرضية مزمنة بحاجة لعلاج مستمر، منهم 10 مرضى مصابين بالسرطان.

تعتقل إسرائيل 26 فلسطينيا منذ قبل اتفاق أوسلو عام 1993، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ويطلق عليهم “قدامى الأسرى”، ومن بين قدامى الأسرى، كريم يونس وماهر يونس، أمضيا نحو 38 عاما في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى نائل البرغوثي، أمضى أطول فترة اعتقال ما مجموعه 40 عاما. كما تعتقل إسرائيل 51 أسيرا منذ ما يزيد عن 20 عاما بشكل متواصل، وهم ما يعرفون بـ”عمداء الأسرى”، ومن بين المعتقلين، 541 معتقلا محكومون بالسّجن المؤبد لمرة واحدة أو لعدة مرات.

وتشير المعطيات التي وثقها نادي الأسير الفلسطيني، إلى استشهاد 222 فلسطينيا في السجون الإسرائيلية منذ العام 1967، بينهم 73 بسبب التعذيب، و67 من جراء الإهمال الطبي، و75 بالقتل العمد، و7 بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من جنود وحراس.

ومنذ مطلع العام الماضي 2019 استشهد 5 أسرى من جراء سياسات إسرائيلية ممنهجة وأبرزها الإهمال الطبي المتعمد، وعبر التعذيب، وهم فارس بارود، عمر عوني يونس، نصار طقاطقة، بسام السايح، وسامي أبو دياك، وسلمت إسرائيل جثمان عمر عوني يونس، لذويه، بينما تحتجز الجثامين الأربعة الأخرى في ثلاجات خاصة. وتعتقل سلطات الاحتلال الاسرائيلي ستّة نواب سابقين في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهم: مروان البرغوثي (حركة فتح)، أحمد سعدات (جبهة شعبية)، خالدة جرار (جبهة شعبية)، محمد جمال النتشة، حسن يوسف، ومحمد أبو طير (حركة حماس). كما تعتقل 16 ألف امرأة فلسطينية وزجّت بهن في سجونها منذ العام 1967، ويبلغ عدد الأسيرات في السجون الإسرائيلية حتى منتصف نيسان/ أبريل الجاري، 41 امرأة، بينهن 7 جريحات، يقبعن في سجن الدامون، ومنذ بداية العام الجاري، اعتقلت إسرائيل 31 امرأة.

 

أثر فيروس كورونا على الأسرى

استغلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإدارات السجون أزمة تفشي فيروس كورونا وفرضت سياسات عقاب قاسية ومكثفة على الأسرى والأسيرات، من بينها إلغاء كافة زيارات الأهالي إلى أجل غير مسمى.

ورفضت المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، نهاية آذار/ مارس الماضي، التماسا تقدمت به جمعية “أطباء لحقوق الإنسان”، طالبت فيه بإطلاق سراح السجناء الإسرائيليين، الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما خوفا من تفشي كورونا داخل السجون.

ولم تتخذ سلطات الاحتلال وادارات السجون الإسرائيلية أي إجراءات وقائية لمواجهة الفيروس، داخل السجون والمعتقلات، على الرغم من إصابة 3 سجانين إسرائيليين بالكورونا، هما شرطيان في سجن عوفر، وآخر في سجن الرملة، وسحبت إدارة السجون، مطلع آذار/ مارس 140 صنفا من كانتينا (متجر) الأسرى، بينها مواد تعقيم خاصة بمواجهة فيروس كورونا.

معاناة مضاعفة لأسرى القدس المحتلة

ويعاني أسرى القدس المحتلة من معاناة قاسية ومكثفة في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، حسب ما يذكره أهالي الأسرى المقدسيين هذه الأيام، بسبب تفشي فيروس “كورونا”، فإدارات السجون لا تتخذ الإجراءات الطبية والصحية اللازمة للوقاية من الفيروس، ولا توفر المواد المعقمة والكمامات والكفوف بشكل كاف، ولا يوجد أي آلية لكشف الأسرى المصابين بالفيروس، وتشكل البوسطة “سيارة نقل الاسرى ” خطرا على صحة الاسرى خلال نقلهم.

وتذكر لجان الأسرى في القدس المحتلة أن سلطات الاحتلال تعتقل في سجونها ما يزيد عن 320 أسيرا من محافظة القدس من بينهم: عميد الاسرى المقدسيين أبو نعمة المعتقل منذ 1986/10/20 وقد مضى على اعتقاله 34 عاما، والأسير وائل قاسم، الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد 35 مؤبدا +50 عاما وقد مضى على اعتقاله 16 عاما، والأسير الطفل محمد تيسير طه المحكوم 11 عاما، والاسيرة شروق دويات، وتقضي حكما بالسجن لمدة 16 عاما، والأسير المقدسي الشبل محمد حوشية 14 عاما، وقد مضى على اعتقاله أربعة أعوام. ومن بين الأسرى المقدسيين  53 أسيرا يقضون بالسجن مدى الحياة، و13 أسيرة يقبعن في سجن الدامون وأسيرة واحدة في الرملة، و34  طفلا قاصرا تتراوح أعمارهم بين 14-18 عاما، و 13 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاما، من ضمنهم 5 من محرري صفقة وفاء الاحرار. بالإضافة إلى 5 أسرى رهن الاعتقال الإداري، و7 أسرى أعيد اختطافهم من محرري صفقة وفاء الأحرار، وأعيدت لهم الأحكام السابقة منذ 4 سنوات، والأسير موسى العجلوني “معزول منذ4 سنوات”، و5 أسيرات مقدسيات جريحات، و10 أسرى سحبت منهم هوياتهم، و 4 أسرى مقدسيين محررين مبعدين عن القدس، بعد أن سحبت هوياتهم بقرار من وزير الداخلية (النائب محمد أبو طير “اعتقل قبل يومين”، أحمد عطون، محمد طوطح، خالد أبو عرفة وزير القدس السابق”.

إن الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال، التي تتحمل مسؤوليتها سلطات الاحتلال وإدارات السجون، أصبحت تهدد حياتهم بالخطر في ظل تفشي فيروس “كورونا” داخل السجون، وفي ظل الإجراءات والممارسات غير الإنسانية التي تمارس ضدهم.

 وبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني ندعو سلطات الاحتلال إلى إطلاق سراح الأسرى، ولا سيما المرضى والأطفال والنساء وكبار السن، وندعو كافة المؤسسات والهيئات والمؤسسات الحقوقية الدولية، بما فيها الأمين العام للأمم المتحدة، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، ومجلس حقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، للتحرك السريع والعاجل من أجل إنقاذ حياة الأسرى، ووقف الإجراءات غير الإنسانية التي تهددهم، والقيام بإرسال لجان طبية متخصصة لزيارة السجون والمعتقلات الإسرائيلية، للاطلاع على حقيقة الأوضاع الصحية للأسرى، وتأمين إجراء الفحص الطبي اللازم لهم، وضمان اتخاذ كل الخطوات والاجراءات الوقائية الطبية اللازمة لحمايتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى