قراءة في رواية الصامت للكاتب شفيق التلولي
نقد تحليل: الكاتبة نزهة أبو غوش
في روايته الصامت، اجتهد الكاتب التلولي أن يكتب الرّواية الفلسطينيّة متفرّعا بالزمان والمكان دون حدود؛ حيث تنقّل بشخصيّاته عبر الأزمنة المختلفة منذ عهد القسّام والحسيني، وعهد الانتداب الإنكليزي والاحتلال اليهودي مستخدما الخيال الجامح كوسيلة تقنيّة نحو استعانته بالأرواح المتنقّلة من شخص لآخر ومن مكان لمكان وخاصّة تأثير تلك الأرواح على سلوك الأشخاص مثل الخوف والرعب.
كانت روح الصّامت مؤثّرة على الكثير من الشخصيّات، كذلك روح ولده الشيخ سلامة وحفيده المنسي من بعده. كانت لعنته تصل لكلّ مكان. من بين القبور وغيرها.
في الرّواية نجد أنّ الواقع قد اختلط بالخيال؛ فهي وسيلة لاجتياز الزّمن والمكان، مثلما ذكرت عن الأرواح أعلاه، حيث عبر بنا الكاتب معظم البلدان في فلسطين، وخارجها لبنان وأسوان جنوب مصر.
تعدّدت أسماء بطل الرّواية، البطل المحارب المجاهد؛ من أجل فلسطين فهو تارة الصّامت وتارة المنسي، وتارة الشّيخ سلامة – حارس المقبرة-
تنقّل من الماضي حتّى يومنا هذا جسدا أو روحا؛ لذلك نلحظ اختلاط الماضي بالحاضر، ربّما أراد الكاتب أن يذكر بأنّ ما يحدث اليوم في فلسطين هو امتداد للماضي؛ وأعتقد بأنّه انتقى أسماء شخصيّاته؛ كي يجسّد من خلالها الوضع الفلسطيني على مدى التّاريخ حيث أنّ شخصيّة الصّامت تغبّر عن الصّمت العالمي عن القضيّة الفلسطينيّة وأحداثها وأبعادها ومخلّفاتها السّياسيّة والاجتماعيّة والتّاريخيّة. أمّا شخصيّة الشّيخ سلامة الكفيف، ربّما قصد بها عمليّة السّلام الغير ناجحة، فهي كالرجل الكفيف الّذي لم يبصر النّور، أي الحقيقة؛ أمّا المنسي فقد تعدّى بها من الصّمت والسّلام الفاشل إِلى النّسيان تماما، وهذا ما يعمل عليه العالم اليوم بكدّ وجهد؛ كي ينسى الانسان الفلسطيني، ليس قضيّته فحسب، بل وجوده وكيانه.
ربّما شكّلت شخصيّة الجدّة القليل من الأمل، حيث أنّها حتى آخر لحظة ظلّت تأمل بوجود زوجها المنسي حيّا يرزق.
أرى بأن صديقة الرّاوي، داليا الباحثة عن مخطوطة المنسي تمثّل هؤلاء المراوغين والمقايضين الّذين ما زالوا يوهمون العالم بأنّهم يعملون من أجل القضيّة الفلسطينيّة.
المخطوطة تمثّل الضّياع، الّذي هو نتاج للعناصر الثّلاث: الصّمت، والسّلام الكاذب، والنسيان.
أمّا جذع شجرة السنديان؛ فهو البقاء والرّسوخ في الأرض؛ رغم كلّ الصّعاب والمعيقات.
لا أعرف لماذا جعل الكاتب مرقد البطل في أسوان مصر، وليس في فلسطين؟ ربّما لإِظهار دور مصر الإيجابي، في زمن الرّئيس جمال عبد الناصر.