سِفرُ النِّهايةِ

محمود مرعى | مصر

لا شيءَ في عينيكِ يدهشُني

فالريحُ تكملُ سيرَها وجعًا

وهذا البحرُ أكملَ ما تبقى من شجوني

فدَعِي الدموعَ إذا أردتِ

وانطوي حيث السحاباتُ

اقترفنَ هديلَ أغنيةٍ

فغاضَ اللحنُ في سِفرِ النهايةِ

وأنا وحيدٌ

أُكملُ النغماتِ بالمعْنَى

أُكملُ الآهاتِ بالمغزى

وأحملُ ما تيسرَ من حنيني

الآنَ جئتِ

وقد بلغْنَ هديلَهُنَّ

وقمنَ بالسَفرِ المخاتَلِ

دونَ أن يبقينَ شيئًا من عَويلِي

يا بَحْرُ

قمْ يا بحرُ

فالأنواءُ طاغيةٌ

وأخشى أن تصيبَكَ عينُها

فتعودَ جُرحًا هامسًا

يُشْجي أنينِي

يا نَهْرُ

قلْ يا نهرُ

هل فتنتْك عاشقةٌ؟

وهل دبَّ الحنينُ إلى رحيقِكَ؟

كلُهم خَانُوكَ

لا الأمطارُ صادقةُ

وهذا البحرُ

أجفى عن طريقِك

وأنا وحيدٌ أكتوي اللفتاتِ

رُبَمَا يعودُ النهرُ

يكشفُ عن مصيرِك

ربَمَا تؤازرُكِ العواصفُ

تقطفُ الزهراتِ

ترسل ما تبقي من سديمِكِ

تمسك بُرهةً أو قد تُباعدُ

بين هذا الهمسِ

والصياحاتِ إذ تغدو وحيدًا

حين تسألك الحبيبةُ عن غيابِكَ

عُدْ

فلستَ محصناً

وسواترُ النابالمَ

أفسدَها نحيبُك

وكلُّ عواصمِ الأحزانِ

ترفعُ رايةَ التخوينِ

تغرسُ سمَّها

فتقومُ قافلةٌ من الأمواتِ

تهتفُ

أن يعيشَ الموتُ

يا أيّها الرُّبانُ

هل لسفينةٍ أدمتْ جوانبَها الحقيقةُ

أن تسافرَ في بلادِ الطيبينَ

وتحملَ الأفراحَ

كي تهدي حبيةَ قلبِها

لقتيلِ عيْنيْهَا

وتحصدَ في أوانِ القمحِ

إردبًا من الحناءِ

فالأعراسُ دون خضابِها ثكلى1

وهل بين الركامِ

منابرُ يقفُ الأحبةُ فوقَها

لتشاهدَ الزهراتُ

وهجَ شموسِ من فُقِدوا

وتبطلَ حجةً

قالها المجذوبُ لحظةَ وجدِهِ

يا أيُّها الربانُ

ودِّع حينما تجدِ الشجاعةَ

صحبةَ الأحرارِ

قل ما يعيدُك سالمًا

نكِّسْ سَّواريكَ العتيقةَ

وانطلقْ جُرحًا مثاليًا

لتقبضَ ما تبقي من سِنِيكَ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى