الثُوَّارْ

موزة المعمرية | سلطنة عمان

أن تعيش في هذا الوجود وتكونَ ثائراً على نواقِصِ الأمور المُحيطة بك من لهو الدنيا, والأحاديث, وعشق ملذات بني القَمَاقِم وغيرها, هُنا تكمن قُوتك, وثورتك, وعزيمتك, وهزيمتك لكل رانٍ قد يتمكن من قلبك ويُصيبه بالعتمة.
“ثورتك بيدك, فمتى تبدأ؟”
ظُلمَة, خُطوات قدمي حذاء شاب, دُخَان سجائر كثيف, تركيز الكاميرا التصويرية على عين الشاب القاسية النظرات, لازال المكان مُظلماً فقط ضوء بسيط مُسلَّط على يد الشاب اليُسرى التي يُمررها على طاولة موضوع عليها موبايل, مسدس, كيس مُخدرات, حزمة نقود, جُمجمة رأس بشرية حولها خنجر أسود اللون, زجاجة سُم صغيرة, قرآن كريم, يقف الشاب عند القرآن الكريم يود أن يمزقه وفجأة؛ تهب ريح قوية, يضع القرآن على الطاولة ويتحاشى الرياح القوية وغُبارها بكلتا يديه, شاب آخر نُسخة من الشاب الأول, يقترب ليأخذ القرآن من على الطاولة فتهدأ الرياح لينظر الشاب لنسخته الواقف أمامه باستغراب ممزوج بالذهول, يفتح الشاب القرآن على سورة الأنبياء (1_6) ثم يضعه مفتوحاً على الطاولة, يُشير بيده اليمنى للآخر ليقرأ, يقترب الآخر ليقرأ
“اقترب للناس حسابهم وهم في غفلةٍ مُعْرِضون”
ينظر حوله فلا يرى نسخته وفجأة؛ يرى شيخ كبير في السن يقف خلفه, يُصاب الشاب بالهلع والخوف منه
الشاب: من أنت؟
الشيخ بهدوء الصوت: الدنيا
الشاب: ماذا تريد؟
الشيخ: الصَّحْوَة منك
الشاب: من ماذا؟
الشيخ: من ملذات الدنيا الفانية, ومن بطش بني القمَاقِم, ومن غفلةٍ, وهفوةٍ, وكبوةٍ, وهُوَّةٍ سحيقةٍ تجر نفسك رويداً إليها
يبتسم الشاب ابتسامة سُخرية ثم ينفث بدخان سيجارته على الشيخ الكبير
الشيخ الكبير: يجب أن تنظر قبل فواتِ الأوان
الشاب بكل ثقة يقول: لا يهمني أن أنظر لشيء طالما أني أعيش حياتي حُراً طليقاً مُنَعَّمَاً
الشيخ: أنت تعيش مُكبَّلاً بسلاسل من نار لن تدركها إلاَّ بعدما يفنى هذا الجسد
يُشير بعصاه لجسد الشاب
الشيخ: “كلاَّ بل رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون”
إن لم تبدأ بإزاحةِ هذا الرَّان والدنس من الآن فإنك هالكٌ لا مَحَالة!
نهاية المشهد الأخير
تُفاحة بيد الشاب يُحركها يميناً يساراً وهو ينظرها بتمعن بعيني جادتي الملامح, يأخذ قضمة منها والكاميرا التصويرية مُسلطة على فمه الذي يسيل منه الدم وهو يضحك قليلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى