دخول المذهب المالكي الأندلس

د. إسلام إسماعيل أبو زيد | كاتب ومؤرخ مصري
تأرجح الأندلسيون بين المذاهب الفقهية فساد المذهب المالكي وتعصب الأندلسيين له طويلا, وكانت هناك أسباب عدة لانتشار المذهب المالكى منها الرحلة بين بلاد المغرب والأندلس وبلاد الحجاز للعلماء لم تنقطع, مسانده السلطة للمذهب المالكي، ثم برز المذهب الظاهري وكان له شأن خاص في الأندلس في قوة انتشاره قياسا إلى المشرق .
ومنذ أن بدأ التفريط في التمسك بالمذهب المالكي بالظهور والانحرافات الأخلاقية كعرض من أعراض بعدهم عن منهج الله انتاب الوجود الإسلامي هناك نوع من الضعف, ولما كان هذا العامل من أهم عوامل سقوط بلاد الأندلس رأيت أن أكتب حول هذا الموضوع حيث سأقوم – بعون الله – برصد حالة الأندلسيون من مذهب الإمام مالك بين التمسك والتفريط منذ بدايتها كعامل أثر على الواقع السياسي والعسكري للمسلمين هناك ،منذ الفتح حتي نهاية عصر الخلافة.
فلقد تميزت الأندلس أثناء الوجود الإسلامي بها في مجال الحياة الدينية عن سائر البلدان الإسلامية الأخرى بانتمائها إلى مذهب فقهي واحد ،هو المذهب المالكي ،الذي رسخ بها رسوخا لا مثيل له فى بلاد الإسلام،بسبب تمسك أهلها بالمذهب دون سواه ،لهذا لم يكتب للمذاهب الأخرى التي ظهرت بها إلا فترات عابرة من الانتشار، فالمذهب المالكي عرف طريقه نحو الأندلس, في حياة الإمام مالك عندما رحل جماعة من الأندلس إلى المشرق للحج وطلب العلم فلقوا مالكا وأخـذوا عنه الموطأ،ولما رجعوا إلى بلادهم أخذوا في نشر علمه فبيّنوا فضل الإمام مالك ، وسعة علمه ،وجلالة قدره فأعظمـوه،الأمـر الذي رغـّبهم في الالتقاء به والأخـذ عنه ،فتشجّعوا على سلوك طريق الرحلة فكانت هذه الأخيرة من أهم العوامل التي أدت إلى انتشار مذهب مالك بالأندلس باتفاق المؤرّخين؛ إلا أنهم اختلفوا في أول من أدخل هذا المذهب إلى الأندلس ،فحدثتنا المصادر على أن زياد بن عبد الرحمن بن محمد القرطبي ،الملقب بشبطون, هو أول من أدخل فقه مالك إلى الأندلس، وقال آخر: ” أول من أدخل كتاب الموطأ للأندلس مكمّلا مثقفا بالسماع يحيى بن يحيى الليثي “(ت234هـ / 848 م )، أمـا ابن فرحـون فقد ذهب إلى أن الغازي بن قيس القرطبي (ت 199 هـ / 814 م)، هـو أول من أدخل موطأ مالك، وقراءة نافـع إلى الأندلس ،وكان ذلك في أيام عبد الرحمــن الداخـل بـن معـاويـة،كمـا حـدّده ابن القوطية،كما اختلفت الدراسات الحديثة أيضا في تحديد أول من أدخل موطأ الإمام مالك فاعتـبر آنخـل جنثـالث بالنـثيا بأنّ هـذه المسألة لازالت غامضة ،وجعلها آخر صعبة التحديد ،أمـا عمر الجيدي فقـد عـدّ المسـألة مختلـفا فيهـا .
فاختلاف هذه الروايات كان سببا في جعل هذه المسألة صعبة وغامضة عند بعضهم،إلاّ أنه من أمعن النظر في هذه النصوص المختلفة،ودقق في عباراتها يمكـن له أن يوفّق ويجمع بين هـذه الروايات، فليس هناك تناقض بين أولية هؤلاء الأعلام الثلاثة ،إذ أن أولية كل واحد منهم لها اعتبارها الخاص، وعليه يمكن أن نقول إنّ أول من أدخل الموطأ إلى الأندلس هو الغازي بن قيس بعد رحـلته إلـى الإمام مالك،وكان قد شهده وهو يؤلّف المـوطأ ،وعندما أكمله جاء بنسخة منه إلى الأندلس،فجلس يعلّم النّاس ويقرأ عليهم الموطأ ،وكان يحفظه ظاهرا ـ كما جاء في أخبار الفقهاء ـ
وبذلك يعتبر أول من أدخل الموطأ على صورته الأولى قبل أن ينقّحه ويهذّبه؛ لأن الإمام مالكاً كان ينظر فيه كل سنة ويسقط منه حتى بقي هذا الذي روته الأجيال,ثم إنه رحل قديماـ كما أثبت المؤرخون ,في صدر أيام عبد الرحمن بن معاوية فسمع من مالك، وابن أبي ذئب ( ت 159 هـ / 775م ) ،و عبد الملك بن جريج (ت 149 هـ / 766 م )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى