الواقع الثقافي في سلطنة عمان
د. محمود السليمي رئيس النادي الثقافي | منتدى الفكر العربي
بدعوة من منتدى الفكر العربي، ألقى الدكتور محمود بن مبارك السليمي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي محاضرة عنوانها”الواقع الثقافي في سلطنة عمان” ادارها معالي د. محمد أبو حمور، في مبنى المنتدى بعمّان، بهدف التعريف بالأشواط التي قطعتها الثقافة العمانية، وتعزيزا للعلاقات بين الثقافتين العمانية والأردنية، بحضورسعادة السفير العماني هلال المعمري ونخبة من الباحثين والمهتمين، بدأها بشكر العاملين في منتدى الفكر العربي، وعلى رأسهم د.محمد ابوحمور الأمين العام للمنتدى، على هذه الاستضافة الكريمة للحديث عن راهن الثقافة العمانية، قال” تعد الثقافة، بمفهومها الواسع، عنصرا بارزا من عناصر التطور في كل بلد من البلدان، وهي مقياس حضاري، والسلطنة تقف على أرضية من ثقافة وحضارة، ومن هنا اهتمت بالثقافة والمثقفين، ودعمتها بكل السبل، وكان جلالة السلطان قابوس، طيّب الله ثراه، مهتما بالثقافة، بشكل خاص، ويكفي اختياره لجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه، وزير الثقافة، سابقا، ليكون خلفا له، وما النادي الثقافي الذي يشرف على اعماله صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم وزير الثقافة والرياضة، إلّا واجهة من الواجهات الثقافية البارزة في السلطنة، بل أقدمها إذ تأسس بمرسوم سلطاني عام ١٩٨٣،وكان اسم النادي الثقافي لحظة التأسيس في عام 1983 «النادي الجامعي» ولكن الاسم تغير إلى النادي الثقافي في العام الذي افتتحت فيه جامعة السلطان قابوس1986 ليتحول إلى النادي الثقافي وتنتقل مهمة مخرجات الجامعة إلى جامعة السلطان قابوس. وكانت فكرة النادي الجامعي ليكون مجمع التقاء للشباب الجامعيين الذين يتخرجون في جامعات شتى خارج السلطنة، يجتمعون في ملتقيات معرفية فكرية، واجتماعية ورياضية، يمارسون فيه هواياتهم ويناقشون أفكارهم المتطلعة نحو المستقبل”.
مشيدا بجهود صاحب السمو السيّد ذي يزن بن هيثم وزير الثقافة والرياضة والشباب، المشرف العام على النادي، ومتابعته الدائمة لأنشطته ومدّنا من خلال توجيهات سمّوه بكلّ ما يخدم العمل الثقافي. ثم قال السليمي” لابد من معرفة أبرز سمات الخطاب الثقافي العماني وهي: الأصالة والحفاظ على التراث، الاعتدال، والاستيعاب والتسامح، والتعدد والتعايش، الهوية والخصوصية الوطنية، الانفتاح الممنهج المتزن على الثقافات بأنواعها ونبذ الطائفية، والكراهية والاقصاء، ومن سماتها الانفتاح على الطوائف والمذاهب (التقارب المذهبي فسماحة الخليلي منفتح على المذاهب ونبذ الطائفية ومواكبة الاتجاهات الفكرية في العالم، والانفتاح الاعلامي على الآخر مع الالتزام بالقيم العمانية، والتواصل التاريخي مع الحضارات المحيطة دون تعقيدات مذهبية، الانفتاح على الصين وسنغافورة وايران وافريقيا زنجبار وكينيا وسببه اشتغال العمانيين بالبحار وهذا خلق نوعا من تعدد الثقافات ولاننسى أن عمان اول دولة فتحت سفارة مع امريكا في القرن التاسع عشر، السفينة سلطانة التي ركب بها احمد النعماني اول سفير عربي يصل امريكا).
وتطرق إلى تعدد الاتجاهات، وهذه التعددية في الاتجاهات اكسبت السلطنة غنى ثقافيا ومعرفيا،وانفتاح الأفق التعليمي،وانخراط السياسات التعليمية في الثقافات الشرقية والغربية، وتعدد رؤى داخل المجاميع واتساع في الافق، الاديب يتصدر المشهد الثقافي والكلمة هي المتصدرة للخطاب الثقافي، وبناء الانسان من ضمن اولوياتها”
وتطرق السليمي في محاضرته إلى العلاقات الثقافية المتينة التي تربط عمان بالأردن، وهي تاتي امتدادا للعلاقات الأخوية، والروابط العميقة التي تمتد بين البلدين الشقيقين، كما تحدّث عن دور النادي الثقافي في الحراك الثقافي وهو دور لايخفى على المتابعين بدأ منذ تأسيسه، وتواصل أنشطته إلى اليوم عبر برنامج سنوي يشمل الكثير من الندوات والمحاضرات والجلسات الحوارية وحلقات العمل والملتقيات والمعارض التشكيلية والمهرجانات.
وفي مداخلة له قال الشاعر عبدالرزاق الربيعي نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي” العمل الثقافي العماني ليس بالامر السهل فهو يتطلب من العاملين الإلمام بالثقافة العمانية ومرجعياتها التاريخية والاجتماعية، والاقتصادية، بمختلف مشاربها وتنوعها، فالمجتمع العماني متنوع، متعدد الاطياف، وهذه التعددية أثرته، وجعلته أكثر انسجاما وذوبانا في المحيط الثقافي الواسع وهي تصوغ رؤية متقدّمة للحياة، والثقافة العمانية جزء من الثقافة العربية، المنابع والجذور واحدة،والروافد الفكرية والاجتماعية واحدة، مع وجود الخصوصيات المحلية، فلكل مجتمع بشري خصوصياته الثقافية التي تتشكل عبر مر العصور، ويمكن ادراج العادات والتقاليد والموروثات ضمن هذا الحيز، الذي لايمكن اغفاله أو تجاوزه، ومن هذا البناء التراكمي تشكلّت الهوية الوطنية، لتكون تلك المعطيات مصدر قوة، وهذا ما وجدناه في عمان الغنية بمفرداتها الثقافية، وقد عززت ذاك عن طريق الحوار الحضاري، وهو حوار مفتوح مع الآخر، والتفاعل معه، واحترام الاختلافات بين الثقافات والسعي للتبادل المعرفي والحضاري عن طريق الحوار والمثاقفة التي تقرب المسافات للعمل خارج الدوائر المغلقة، وعندما هبت رياح العولمة العاتية، لم تقتلع الشخصية العمانية، من جذورها، بل وقفت صامدة في وجهها، فحافظت على خصوصيتها وكيانها، وفرادتها، التي نراها واضحة ليس فقط في الزي، والعمارة، وحتى في كتابة الاسماء في السجلات الرسمية، بل تجاوز ذلك الى الحفاظ على الموروثات والأصالة في العادات والتقاليد، انطلاقا من الثوابت الثقافية والموروث وينسجم مع المبادي والسياسات التي أرساها جلالة السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، وعززها جلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله، ويقوم هذا الخطاب بكافة مفرداته، على التواصل التاريخي مع الحضارات المحيطة وهذا خلق نوعا من التعدد الثقافي، عزّزته السياسات التعليمية والأنظمة التربوية المفتحة على آفاق معرفية واسعة، وظلت محافظة على ذلك رغم الغزو الثقافي الذي جاء بثقافة مختلفة عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من الميسور على المواطن العماني التواصل مع أي خطاب من أي مصدر وبأي مضمون لتكون سببا لتوجه اليافعين من الشباب نحو اهتمامات مغايرة لما عرف به المجتمع من الرصانة والوسطية والاعتدال، لكن رصانة هذه الثقافة وقفت سدّا منيعا حالت دون ذلك”
وتحدّث عن الحضور الذي حققه المبدع العماني في الساحة الدولية، وكثرة الإصدارات العمانية، وحركة الكتاب العماني في معارض الكتب، هذا الحضور جعل سلطنة عمان قِبلة للمبدعين العرب.بعد ذلك جرى فتح باب المداخلات التي شارك فيها عدد من الحضور : سعادة السفير العماني هلال المعمري، معالي د.صلاح جرار، د.وليد محمود خالص، جعفر العقيلي، جمانة الطراونة، ماجدة الطراونة والذين المحاضرة عن بعد عبر برنامج زووم المكرمة د.عائشة الدرمكي من مسقط التي تحدثت عن التنمية الثقافية في سلطنة عمان، ود.سعد التميمي الذي قدّم شهادة في الثقافة العمانية وجهود النادي الثقافي.