“منقولات الزوجية”.. المشكلة والحل

محمد خلف (المحامي بالنقض) _ القاهرة

وفقاً للإحصائية السنوية للجرائم تعتبر جريمة تبديد منقولات الزوجية، هى أكثر الجرائم شيوعاً، ووفقاً للواقع القضائى، تعد هى كذلك أكثر الجرائم إثارة للمشاكل القضائية, فجريمة تبديد منقولات الزوجية تتمثل فى قيام الزوج بسلب المنقولات التى فى حيازته والمسلمة إليه من قبل الزوجة على سبيل الأمانة، على نحو تفقد به الزوجة إستردادها أو يضعف الأمل فى إستردادها، ويتضمن ذلك الفعل بالضرورة فعل الإختلاس، وهو مباشرة الزوج سلطاته على تلك المنقولات، أو إستعمالها إستعمال المالك، وبما يكشف بصورة قاطعة عن تغير نيته فى الحيازة، أى تغير حيازته إلى حيازة مالك, بعد ان كان يحوز المنقولات على سبيل الامانةو تثير تلك الجريمة العديد من المشاكل القانونية و التى نتولى معالجتها فى هذا المقال.
وتقوم جريمة تبديد منقولات الزوجية مستندة على نص المادة 341 من قانون العقوبات والتى تنص على أن ” كل من إختلس أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعى اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الإستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونة وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو إستعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزيد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصرى”.

و وفقا لقانون العقوبات المصرى على ركنين احدهما مادى يتعلق بماديات الجريمة و الاخر معنوى يستند على اردة الجانى و يتمثل الركن مادى ويتمثل:
أن يكون محل قائمة المنقولات عبارة عن منقولات كالاثاث والأجهزة الكهربائية و خلافه.

 كما يجب أن تكون المنقولات مملوكة للزوجة وأن تكون فى حوزة الزوج، فجوهر جريمة تبديد المنقولات هى ملكية هذه المنقولات للزوجة، ويعد الزوج أميناً عليها بناء على عقد من عقود الأمانة، وهنا تثار مشكلة ملكية الزوج لبعض المنقولات ضمن القائمة التى تدعى الزوجة ملكيتها لها، بحيث ُيلقى عليه عبء إثبات هذه الملكية. كما يتعين أن يكون الزوج قد استلم منقولات الزوجية بموجب أحد عقود الأمانة.
فلا تقوم الجريمة إلا إذا سلمت المنقولات للزوج بموجب عقد من عقود الأمانة وعقود الأمانة التى يستلم الزوج بموجبها قائمة المنقولات، تكون إما على سبيل الوديعة أو على سبيل عارية الإستعمال وغالباً ما يستلم الزوج المنقولات على سبيل عارية الإستعمال بموجب قائمة المنقولات التى يوقع عليها الزوج باستلامه المنقولات , وللمحكمة سلطة تقديرية فى تكييف العقد أو المستند المقدم أمامها.

 و هناك معلومة فى غاية الاهمية حيث أنه لا يجوز للزوجة المطالبة بمنقولات الزوجية إذا ورد بالقائمة إلتزام الزوج بردها فى أقرب الأجلين وهما الوفاة أو الطلاق إلا بحلول أحد هذين الأجلين وإلا قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الآوان.
غير أن مجرد إمتناع الزوج عن رد المنقولات لا تتحقق به جريمة تبديد المنقولات الزوجية وذلك إذا كان عدم الرد راجعاً إلى منازعة فى ملكية الزوج لبعض تلك المنقولات، كما لا يكفى فى تلك الجريمة مجرد التأخير فى الوفاء بل يجب أن يقترن بإنصراف نية الجانى إلى إضافة المال إلى ملكه وإختلاسه لنفسه إضراراً بالزوجه، وينتفى القصد الجنائى بقيام الزوج بإنذار الزوجة على يد محضر بعرض المنقولات الزوجية و بالتالى لا يحق لها اتهامه بالتبديد طالما قد اعلن عن نيته فى رد المنقولات بموجب هذا الانذار.

ويخضع عقد الأمانة الذى بموجبه تسلم الزوج منقولات الزوجية لقواعد الإثبات المدنى، فعقد الأمانة أو قائمة المنقولات هى أولى خطوات إثبات وقوع الجريمة
والأصل فى إثبات قائمة منقولات الزوجية أن يتم بالكتابة فيجب ان تكون هناك قائمة منقولات مكتوبة و ممهورة بتوقيع الزوج المستلم مع مراعاة ان العبرة فى تحديد قيمة المنقولات هى بوقت تحرير قائمة المنقولات أى وقت إستلام الزوج لهذه القائمة فلا يؤثر تغير قيمة المنقولات بالزيادة أو النقص على قواعد الإثبات.
‌و ان مبدأ عدم جواز إثبات التصرف الذى تزيد قيمته على خمسمائة جنيه إلا بالكتابة غير متعلق بالنظام العام فيجوز الإتفاق على خلافه , و إذا ثبت كتابةً أن الزوج تسلم المنقولات فلا يجوز إثبات العكس إلا بالكتابة , محكمة الموضوع يحق لها تفسير بنود القائمة بإعتبارها عقداً يخضع لسلطة المحكمة التقديرية فى التفسير.
و فى حالة عدم وجود ورقة مكتوبة بقائمة المنقولات فانه يمكن إثبات قائمة المنقولات الزوجية بشهادة الشهود وذلك فى ثلاث حالات:
الحالة الأولى: إذا كانت قيمة المنقولات أقل من خمسمائة جنيه.
الحالة الثانية: إذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة ويعنى كل كتابة تصدر من الزوج ويكون من شأنها أن تجعل وجود قائمة المنقولات محتملة وذلك مثل كتابة الزوج لقائمة المنقولات بخط يده مع عدم التوقيع عليها، أو وجود خطابات من الزوج تفيد تسلمه لقائمة المنقولات، أو إقرار الزوج بمحضر الشرطة بإستلامه المنقولات، أو توقيع الزوج على عقد شراء منقولات من أحد محال بيع المنقولات.
الحالة الثالثة: إذا وجد مانع أدبى يحول دون حصول الزوجة على قائمة بمنقولاتها، وصلة الزوجية لا تعتبر بذاتها مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على سند كتابى، وكذلك إذا فقدت القائمة بسبب لا يد للزوجة فيه.
وفى حالة إثبات الزوجة لقائمة المنقوت بشهادة الشهود يكون للزوج الحق فى النفى بذات الطريق أى بشهادة الشهود، كما يجب أن يطلب الدفاع الإحالة للتحقيق للإثبات أو لنفى قائمة المنقولات.
مع مراعاة انه يمكن إثبات قائمة المنقولات بالإقرار ويكون بإعتراف الزوج بحق الزوجة فى المنقولات وذلك إثناء سير الدعوى أو أمام أحد الجهات الإدارية كمحاضر الشرطة وتحقيقات النيابة أو إذا طلب أجلاً لعرض المنقولات وكذلك إذا وجه إنذاراً قانونياً بعرض المنقولات على يد محضر وهذه الإقرارات الرسمية القضائية لا يجوز تجزئتها، أما الإقرار العرفى غير القضائى فيجوز تجزئته، فإذا أقر الزوج أمام المحكمة بإستلامة المنقولات وردها لزوجته فلا يجوز للمحكمة أن تعتد بالإستلام ولاتعتد بالرد.
فاذا عجزت الزوجة عن احضار شهود او لم تقنع المحكمة بشهادة الشهود فانه لايجوز تكليف المتهم فى المسائل الجنائية بحلف اليمين حتى لا يعد نكول المتهم عن اليمين دليلاً على إرتكاب الجريمة .

و فى حالة ثبوت الجريمة فقد قرر المشرع عقوبة الحبس لمن يرتكب جريمة تبديد منقولات الزوجية، كصورة خاصة لجريمة خيانة لأمانة الواردة بالمادة 341 عقوبات، كما جاز أن تضاف إلى عقوبة الحبس الغرامة التى لا تتجاوز 100جنيه.

و هناك مشاكل عملية تثور فى شأن جريمة تبديد منقولات الزوجية منها صورية القائمة والعبرة دائما بحقيقة الواقع فى القائمة وليس بناء على اعتراف الزوج بالكتابة لو كان مخالفاً للحقيقة ويمكن للزوج إثبات صورية القائمة ومخالفتها لحقيقة الواقع بكافة طرق الإثبات.
و المشكلة الثانية تتعلق بمصاغ الزوجة وهو الحلى الذى ترتدى من ذهب و خلافه وهو لصيق بها وجرى العرف على أن مصاغ الزوجة لصيق بها ويجوز إثبات الزوج خروج الزوجة من منزل الزوجية متحلية بمصاغها بكافة طرق الإثبات و يجب عليه تحرير محضر شرطة اثباتا لتلك الواقعة و هنالك العديد من احكام محكمة النقض فى هذا الشأن.
و المشكلة الثالثة تتعلق بتقادم الدعوى الجنائية حيث لا يبدأ ميعاد إنقضاء الدعوى الجنائية لجريمة تبديد قائمة المنقولات الزوجية إلا من تاريخ طلب الزوجة لتلك المنقولات أو تاريخ إمتناع الزوج عن ردها.
و المشكلة الرابعة تتعلق بالزوجة غير المدخول بها حيث انه فى حالة عقد القران وكتابة وثيقة الزواج دون الدخول بالزوجة جرى العرف على كتابة قائمة المنقولات الزوجية دون تسليم الزوجة للزوج لتلك المنقولات فى الواقع فالزوجة غير المدخول بها قرينة على عدم تسلم الزوج لمنقولات الزوجية ويمكن تكملة تلك القرينة بكافة طرق الإثبات لإثبات عدم إستلام الزوج المنقولات.
و المشكلة الخامسة تتعلق بأن المنقولات غير متطابقة مع القائمة المكتوبة فقد يلجأ الزوج إلى شراء منقولات وأثاث مخالف للموجود بقائمة منقولات الزوجية، أو قد يختلف الزوج والزوجة حول قائمة المنقولات المعروضة على الزوجة فإما تقبل الزوجة للمنقولات المعروضة وتنقضى الدعوى، أو تعترض الزوجة على المنقولات المعروضة وترفض إستلامها فتحيل المحكمة الدعوى لخبير يقوم بمعاينة المنقولات وبمقارنتها مع المنقولات المعروضة  للوقوف على حقيقة الامر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى