الجماعات الأيديولوجية.. سيرٌ إجباريُ في طريق السقوط

د. خضر محجز |غزة  – فلسطين

إن أخطر ما يصيب الجماعات الحديدية الانتشار، وتلك معضلة لا تحسن تحليلها شفرات السيوف.

إنها لمعضلةٌ وهدف في آن:

تنشأ الجماعة الحديدية وفي عينها وقلبها هدف واحد: الاستملاك، استملاك ما في أيدي المترفين، الذين كانوا يوماً أقوياء، ثم استناموا إلى الدَّعَةِ.

تجمع الجماعة الحديدية أنصارها بدقة، وتختبرهم قبل أن تجمعهم، وتحرضهم طوال الوقت، وتشعرهم بأنهم الأفضل، وتذكّرهم بأن ما في أيدي المتنعمين منهوب من أجدادهم، فهو حقهم هم لا حق المتنعمين.

تجمع الجماعة الحديدية عناصرها بصبر وتؤدة، وبذلك يكونون قوة صلبة عصية على الانكسار. لكنها تجمع إلى قوة الهدف، قوة انعدام القدرة على رؤية الآخرين:

الآخرون هم الشر المطلق، بقوة ما عناصر الجماعة الخير المطلق.

هوب..

تثب الجماعة الحديدية على السلطة، وتستخلص الكثير مما في أيدي المتنعمين. لكن ما استخلصته يكفي بالكاد العناصر الحديديين الأقوياء الأوائل. والمتنعمون السابقون يجمعون حولهم الأنصار من الغاضبين المهزومين.

تلجأ الجماعة الحديدية إلى توسيع انتشارها، لتتمكن من الدفاع عما اكتسبته بقوة القوة، وبذلك تستبدل السيف بالكثير من العصي الخشبية.

ذلك أن هذه المرحلة تشهد انضمام الأدنياء، والوضيعين، وكارهي النبالة من كل جنس.. وكل ذلك لم يكن موجوداً في الجماعة الحديدية قبل الوثوب على السلطة.

قد قلنا من قبل إن هدف كل سلطة هو الاستملاك. وقد استملكت الجماعة الحديدية ـ بقوة السيف ـ على الثروة، وكان لا بد لها من توزيعها على عناصر الحديد الأوائل.

هكذا تنعمت عناصر الحديد فبدأت تصدأ، ودخلت عناصر الخشب المنخور، في الجماعة، فكاثروا الأوائل، وبدأوا يطالبونهم بالعدالة، عدالة تقسيم المنهوب.

كل من يحاول إصلاح الجماعات الحديدية يفشل، لأنه يرى عمق المشكلة، ويدرك أن الجماعة تسير في طريق السقوط.

هناك طريق واحد ووحيد لجماعة حديدية للمحافظة على ما استملكته: أن تغلق أبوابها فلا يدخل الآخرون، وتشرع حرابها فلا تنام الأعين ـ لكن الزمن كفيل ببسط سلطان الكرى على الأعين ـ وكل ذلك يحتاج منها أن تمتنع عن تبني شعارات السماء، لأن شعارات السماء تطالب المستملكين بالعدالة والمساواة. وكلاهما متعذر في بنية الجماعات الحديدية.

إلى الأمام يا عناصر الخشب، فالمستقبل للأدنياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى