عزيزتي المأساة
د. إيهاب بسيسو | فلسطين
عزيزتي المأساة،
لستِ مضطرة للتنكر في كل مرة تريدين فيها مفاجأتنا بحضورك الصاخب..
نعرفك جيداً، كما نحفظ تماماً تاريخ ميلادك، وسنوات عمرك التي قضيتِها في جعل ملامحنا نسخاً مكررة لهزيمة بعيدة..
اندثار أصواتنا ليس خياراً، فلسنا مورسكيين في الأندلس أو هنوداً حمراً في الأرض الجديدة رغم اهتمامنا بتاريخ اسبانيا وحضارة شعوب المايا، ولسنا من أضاع هيبة الدول الكبرى في حروبها العظيمة..
ولسنا الثورة الحزينة التي تاهت بين العواصم في زمن انهيار الامبراطوريات بحثاً عن تاج يليق بعرش ومملكة..
عزيزتي المأساة،
نحن شعب لا يكف عن الحلم والغضب معاً، نغرس في التراب أعمارنا القصيرة، وننتظر ان تصبح أشجاراً في الذاكرة، هكذا نُعرِّف الوطن والتاريخ وفلسفة السلالة..
نحن البلاد التي لم تخَف من الدوي بل رافقت الموت إلى المقابر وعادت بقمصان محترقة وأثواب قرويات مهترئة وقالت هذا إرث الهوية، هذه هي البلاغة في كل شيء..
كونوا أبناء وجعكم، ولا تخشوا حرباً لم تتوقف يوماً عن محاولة نفيكم وصهركم في الاعتياد
عزيزتي المأساة،
قد تتفاجئين من مخاطبتك بعزيزتي، رغم كل ما بيننا من تاريخ أسود، تبدلت فيه العمارة والحكايات، وملامح الحقول في السهول الواسعة، لا داعي للمفأجاة…
فمخاطبتك بعزيزتي، لا يعني شيئاً خارج نمط الرسائل التقليدية القديمة، الرسائل التي اندثرت مع تطور التكنولوجيا، فأنتِ لا شيء سوى خلاصة التعب منذ صار اسمك نكبة، ولم يزل يتردد في يومياتنا بكل ما في الاسم من جنود وأشباه جنود يجوبون أوقاتنا المشبعة بالحياة على امتداد الخارطة .