تمرد أنثى
د. ريم سليمان الخش | سورية – فرنسا
وأطلقت الرصاص على أسيري
مضرجة وراحمة سريري
.
لقد عتق الجنون صريع قلبي
وأنقذه من الحب الكبير
.
جرى دمه كخمرٍ مستلذ
أراقبه بريق مستثيرِ
.
مجففة لنهر كان يجري
على الحوض المضمخ بالعبير
.
وماأدراك من لبن وشهد
وجنات وهبن بلا حشور
.
من الوله الذي لاحدّ فيه
سوى أني المخوف من ثبورِ
.
ختمت وداعه ضما ولثما
لكي يُلقى إلى جنات حور
.
وأدري أنّني المقتول حبا
وأدري ما يجول به ضميري
.
وأدري أنّه مازال حيا
بأحشائي كبركانٍ خطير
.
على أنّ اجتثاث العشق نصرٌ
وإنْ رشح الهيام على الجذورِ
.
على أنّ انتصار الحر بؤسٌ
يجرّ عليه بالفقد الكبير!
.
على أنّي القتيل برغم أنفي
وقد نسفت مزامير الشعور!
.
تسيل له القصائد داميات
وتردحه انفعالات البحور
.
وما انهمرت معانينا سويا
سوى عسلٍ بشهد في الثغور
.
وليس على سواه أسلت شعري
لينضح بالمجاز و بالعطور
.
يُسائلني سريري عن جنوني
عن المغزى المخبأ عن ضميري
.
ألم تهمس عروق النبض ليلا
بما قد تمّ من عزم الأمور!
.
تسائلني على قلقٍ معنى
وهل كان الجماد بمستنير
.
فلي حق الوجود بذات نفسي
ومن خشب وجودك ياسريري
.
أحرر من قيود العشق إما
رأيت القيد عنوان الشرور
.
رأيت هواء نفسي في اختناق
كأني ماخلقت من السعير
كأني ما بنيت قلاع نفسي
لتردعني من الضعف المرير
.
علقت به كنساك حقير
تعلق بالهياكل والخمور
.
سفحت له الجوارح عابدات
وقد أبقين في خير كثير
.
تخاف صلاتها من دون رب
تخاف الهجر كالنمس الضرير؟!
.
على أنّ الفصول على انقلابِ
ومن حرٍ لبردٍ زمهريري
.
وقد نبكي انكسارا سرمديا
شتاءاتٍ من الحزن المطير
.
ومن حبٍ إلى حربٍ فثارٍ
على ماكان من عشقٍ كبير
وأنثاي الجليلة إنْ أثيرت
فجنٌ لا تعدّ على الثغور
.
تقدّسه فإن كفرت أغارت
لتتركه لحفار القبور!
.
كأنه لم يكن سفرا مكنى
ولا مزمار عشق في الزبور
ولا رب الخصوبة والأماني
وعنوان الرجولة في الذكور
.
وهل للربّ خشية عابديه؟
إذا ثار المثار على المثير؟
.
وهل للرب أن يمسسه رعبٌ
من الشبق المولع في الخصور
.
مصير النجم أن ينزاح جذبا
إلى ثقبٍ حرور مستطير؟!
.
لقد أعدمته خوفا وحبا
ولم أحفل بآهات الصدور
.
ولم أسمع ذئاب النفس تعوي
ويدري لم يعد بين البدور
.
له الذكرى ولي آفاق فجري
و جينات الكواسر والنسور
.
له الرحمى ولي قلب همام
فلا يخشى معاندة الأمور
فلا تعجب سريري من قراري
كذا الأحرار في الزمن العسير