سياسة

إبعاد الأسير المحرر منير الرجبي إعمالا للقوانين العنصرية الإسرائيلية

المحامي علي أبوهلال
الهجمة غير المسبوقة للاحتلال الإسرائيلي على الأسرى والأسيرات، أصبحت تأخذ ابعادا خطيرة تمس حقوقهم وحرياتهم التي تكفلها لهم سائر الاتفاقيات والمواثيق، وقواعد القانون الدولية الدولي الانساني، ومبادئ الشرعة الدولية لحقوق الانسان، فلم تعد سلطات الاحتلال تكتفي بمعاقبتهم مرة واحدة بالحكم عليهم بعقوبة السجن، وما يرافقها من عقوبات العزل الانفرادي، والتعذيب النفسي والجسدي، وغير ذلك من العقوبات داخل السجن التي تمس حقوقهم الأساسية وحقوق عائلاتهم، بل تواصل فرض العقوبات عليهم بعد تحررهم من السجن بانقضاء مدة حكمهم الفعلي في السجن، بما يخالف كافة شرائع القوانين البشرية، التي تفرض عقوبة واحدة على الأشخاص عند قيامهم بعمل تعاقب عليه هذا القوانين.

ولكن شريعة وقوانين الاحتلال الظالمة ابتداء وانتهاء، والتي تميز الاحتلال عن غيره من الأنظمة والكيانات غير الشرعية، لا تلتزم بأصول ومعايير القوانين والشرائع البشرية، بل تجسد الانتهاكات الجسيمة لأبسط الحقوق والمبادئ الإنسانية، وهذا ما يجعلها تلاحق الأسرى طول حياتهم وتفرض المزيد من العقوبات عليهم وعلى عائلاتهم طالما بقي الاحتلال، وطالما بقي الأسرى وعائلاتهم على قيد الحياة.

إنها شريعة العدوان والظلم التي يمارسها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، وخاصة حقه في الاستقلال وتقرير المصير، التي تضمن له العيش بحرية وكرامة في أرض ومنه، فما بالك إذا تعلق الأمر بحقوق الأسرى والمعتقلين.

وانطلاقا من سياسة الاحتلال الممعنة بممارسة العدوان والظلم والحقد بحق الأسرى، أقدمت سلطات الاحتلال على ابعاد الأسير المقدسي منير الرجبي (50 عاما)، الأسبوع الماضي بعد أن أمضى 20 عاما في معتقلات الاحتلال، إلى مدينة الخليل، ولم تمكنه من العودة إلى مكان إقامته في مدينة حيفا داخل أراضي الـ 48، وذلك قبل أسبوع فقط من موعد الإفراج عنه.

ويُنذر قرار إبعاد المحرر الرجبي، بالمخاطر المتصاعدة على مصير المئات من الأسرى المقدسيين، والأسرى الفلسطينيين من داخل أراضي 1948، خاصّة مع القوانين العنصرية التي تقرها حكومة الاحتلال الراهنة الأكثر تطرفا على الإطلاق، حيث بدأت بتحويل كل الجرائم والانتهاكات الممنهجة التي تنفّذها بالأصل إلى مشاريع قوانين، وقوانين، ومنها قانون (سحب الإقامة والجنسية) من الأسرى والمحررين، ويذكر أن قوات اعتقلت الاحتلال الرجبي عام 2003، وأصدرت قرارا بسحب هويته المقدسية عام 2019، بعد أن حصل عليها بموجب لم الشمل لأسرته. ودعا الرجبي، من مكان إبعاده في الخليل، إلى “إنقاذ الأسرى من قوانين حكومة الاحتلال والمتطرف إيتمار بن غفير، التي تسعى لتهجير الفلسطينيين من أراضي الـ 48، وطرد المقدسيين من أرضهم، ومنعهم من الحركة، كما تسعى إلى سن قانون يقضي بإعدام أسرى”.

وكانت الهيئة العامة “للكنيست” الإسرائيلية، قد صادقت نهائيا، في 15 شباط الماضي، بالقراءتين الثانية والثالثة، على مشروع قانون لسحب المواطنة أو الإقامة، وإبعاد كل أسير فلسطيني يحصل على مساعدات مالية من السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك بتأييد 95 عضو كنيست ومعارضة 9 أعضاء. ويسمح القانون “لوزير الداخلية” في حكومة الاحتلال بسحب المواطنة أو الإقامة من شخص “أدين بجريمة إرهابية” على حد وصفهم، وحصل على مخصصات مالية من السلطة الوطنية، وترحيله إلى الضفة الغربية أو إلى قطاع غزة.

لا شك أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو، سموتريتش، بن غفير، ماضية في سن وتشريع القوانين العنصرية بحق الأسرى والأسيرات، ظنا منها أن هذه القوانين المجحفة والظالمة، المخالفة للقانون الدولي الإنساني، ومبادئ الشرعة القانونية لحقوق الانسان، قد تحقق أهداف الاحتلال في القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال، وقد تنال من صمود الأسرى والأسيرات وسائر المعتقلين والمعتقلات في سجون الاحتلال، وكأن سياسة الاحتلال العدوانية، وانتهاكاته الجسيمة لحقوق شعبنا ولحقوق الأسرى والأسيرات، تحتاج لقوانين وتشريعات جديدة، تسمح له بارتكاب الجرائم بحق شعبنا.

فالاحتلال يواصل منذ عقود طويلة، بل منذ اغتصابه واحتلاله للأرض الفلسطينية، جرائمه بحق شعبنا وبحق الأسرى والأسيرات، بما في ذلك ارتكاب جرائم القتل والاعدام، والاغتيال، والمجازر بحق المدنيين، والاعتقال، والتعذيب، ومصادرة الأرض والاستيطان، وتدمير وهدم المنازل والمباني والأعيان المدنية، وارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي، وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية، وغيرها من جرائم الحرب والعدوان.

وإن ارتكب الاحتلال هذه الجرائم برخصة قانونية وبتشريعات يسنها لنفسه، من مؤسساته، وأجهزته التشريعية والقضائية والتنفيذية، فلن يكسب الاحتلال وحكومته أي مشروعية قانونية لهذه الجرائم.

بل أن هذه التشريعات العنصرية وغير القانونية تفضح طبيعة حكومة الاحتلال العنصرية، والعدوانية، المعادية لأبسط الحقوق الإنسانية، أمام الرأي العام العالمي، وأمام المجتمع الدولي، وهيئات الأمم المتحدة، وكافة المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية، وتكشف زيف ادعاءاتها التي تتمسح بها وتروج لها، بأنها كيان ديمقراطي، وتحترم حقوق الانسان. ورغم مخاطر هذه القوانين والتشريعات العنصرية، التي تنتهك حقوق شعبنا، وخاصة الأسرى والأسيرات، وتمس حرياتهم، وحقوقهم الأساسية التي يكفلها لهم القانون الدولي الإنساني، ومبادئ حقوق الانسان، فإنها لن تنال من صمودهم ومقاومتهم للاحتلال وسياسته العدوانية والعنصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى