ماكينة سحرية تضبط أثواب الحب على مقاسات القلوب
د. أسماء السيد سامح | مصر
هذا المقاس المناسب بالضبط ليمنح كل قلب ما يحتاجه؛ فبعض القلوب لا يناسبها الانتقام وبضاعتها في العفو دوماً رائجة ولا تمنعها عنه أسوار كبرياء؛ فلماذا يقيدونها بأغلال الكراهية متجاهلين أنه لا يناسبها هذا “المقاس.
وبعض القلوب لا تناسبها الشراكة ولو بنظرة عين، كأنما قُدّت من صخور الغيرة التي تتحطم فوقها عِصيّ العقلانية؛ فكيف يستسهلون ترويض وحوشها متجاهلين أنه لا يناسبها هذا “المقاس”!
وبعض القلوب لا يناسبها “الري بالتنقيط”! الحب في عقيدتها فيضان لا يجف.. وطوفان لا يبقي ولا يذر.. فكيف يرضيها هزيل العطايا أو فتات المشاعر.. حتماً لا يناسبها “المقاس”!
وبعض القلوب يستهويها تسلق جبال المغامرة والركض خلف طائرات الحلم الورقية.. يقتلها الروتين.. تخنقها الجدران ولو في قصور ذهبية.. لا تعنيها زركشة الأكمام أو تطريز القماش مادام لا يناسبها المقاس!
وبعض القلوب يقوّمها العنفوان وأخرى تخدشها القسوة، وبعضها يفسدها الدلال وأخرى لا تعيش إلا وهي تتنفسه، وبعضها خُلقت للعطاء فلا يؤذيها المنح مهما عظم وأخرى لا تعرف سوى أن تمد كفوفها لتتلقف بنَهم هدايا الشغوفين.
فأي مأساة لو كان ثوب أحدها لا يناسبه” المقاس”
ليتنا قبل العيد نمتلك هذه الماكينة السحرية لنضبط أثواب الحب على مقاس قلوبنا؛ فلا نمنح أكثر مما ينبغي، ولا نبخل أكثر مما ينبغي، بل نضيف القطعة الناقصة في مكانها بالضبط كي تكتمل الصورة، ويليق كل مفتاح ببابه المغلق، فنتقبل العيوب، ونتفهم الاختلاف، فنقرب المسافات.. هاهنا فقط تفطر القلوب بعد طول صيام.. تنفخ بالونات الأمل.. وترتدي أثواب العيد.