وثيقة الهدنة

خالد جمعة | فلسطين
فيما يخرجُ الرجالُ إلى الحرب،
ويجلسُ الصِّبْيةُ ساهمين في أسرّةِ آبائهم
تستعدُّ الأمهاتُ لأسئلةٍ لا إجابات لها
بينما يمضي الرجالُ إلى الحرب
مثقلين بأفكارٍ لا يفهمونها كلَّها
ينظرون إلى بنادقهم المعلّقة بأحزمةٍ على الأكتاف
يتذكرون أحزمة كانت تحمل القمحَ والأغنيات
يتحسسون التمائم التي صنعتها زوجاتهم بإيمان عميق
يتمنّون ـ جميعهم ـ أن يتراجع الأعداء في اللحظة الأخيرة
كي يعودوا إلى حقولهم ومواشيهم
لأنهم يعرفون مسبقاً، أن الانتصار سيُكتب باسم قادتهم
وهم سيموتون وسيجرحون وسيسجنون أو يعودون
كأرقام في كرّاسة الرياضيات بلا معنى
وفيما تغمرهم الأمنياتُ
تبدأ الحربُ قبل موعدها
ويتساقطون، ويتساقط أعداؤهم
وتختلطُ الأجسادُ والذكريات
يسيلون إلى قبورهم كجدولٍ موسمي
ثم فجأةً، بعد أن يسقطوا في الساحة المفتوحة
يجلسُ القادةُ، يبتسمون، ويوقعون بدماء جنودهم
وثيقة الهدنةِ
ويبقى الميتون في قبورهم
دون أن يجرؤوا على السؤال عن مصيرهم
وما زالت أسئلة الأولاد الذين لم يعد آباؤهم
تختبئ في الريح بإجابات مستحيلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى