بيت الشعر يحتفي بالقصيدة السودانية والسورية
الشارقة | بيت الشعر – الإمارات العربية المتحدة
ضمن نشاط منتدى الثلاثاء، واستمرارا لأنشطته الشعرية، نظَّم “بيت الشعر” بدائرة الثقافة في الشارقة يوم الثلاثاء 27/ 9/2022 أمسية شعرية صادحة بحديث الأنهار من النيل إلى بردى، جذبت أصداؤها حضورا كبيرا امتلأت به ساحة البيت. واحتفت بالشعراء: د. محمود الجيلي من السودان ومحمد الكامل من سوريا، بحضور محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة، والشاعر محمد عبدالله البريكي، مدير البيت. وقدمها وشارك فيها الشاعر حسن أبو دية الذي رحّب بالجمهور، والمشاركين، وشكر القائمين على البيت مشيدا بجهودهم في رفد الساحة الشعرية بالجديد دوما على مستوى القصائد أو الوجوه الشعرية.
وتجلّى الحب في القصائد التي شدا بها شعراء الأمسية، مصطحبا مشاعر الفقد والغياب، وتنوعت بين ثنائية الشدو للحبيبة والحنين للوطن، تلك الثنائية الموضوعية التي تحتضن بين ضفتيها إلهام الشعراء، وتتجلى بين يديها أجمل إبداعاتهم.
افتتح القراءات الشاعر محمود الجيلي الذي استحضر مي/ المرأة الرمز للمحبوبة على عادة الشعراء في تراث الشعر العربي، للحديث عن حبيبة أطلت شمسا في سماء قصيدته، فلا هو يطولها ولا هي بنازلة من تيه عليائها إليه، يقول:
أطلّ من المشارق وجــه مي
بنورٍ مثـلـما شمــس الضُّحَيْ
|||
فوا أسفي إذا هي عارضتني
ويا بشـــراي إن نظــرت إليْ
|||
ويحــملها الجمـال بكـلّ تيهٍ
على الأكتاف كي تقسو علي
ثم قرأ قصيدة أثار من خلالها تساؤلات وجودية قلقة في تصور فلسفي يبحث عن أجوبة مقنعة، تضيق عن معانيها ثياب اللغات، في محاولة لانتشال ذاته من التيه نحو الحقيقة المطلقة في التسليم للخالق الرحمن، يقول:
ما الكون والأشياء في تعريفها
بل ما هو التعريف والمضمونُ
|||
ضيق اللغات عن المعاني مربك ٌ
والمفرادات تهون حين تخونُ
|||
ما الشيءُ من لا شيءَ غير إجابة
لأوامر الرحمن كن فيكونُ
ثم واصل في قراءته مغردا بنصوص شنفت ذائقة المستمعين، وحازت إعجابهم.
تلاه الشاعر محمد الكامل الذي شدا للغياب مناجيا محبوبته التي يبكي فراقها ويصف حياته من دونها في أبيات يحتشد فيها ألم الذي لا يتخلله عتاب بل ثقة بعودة المحبوبة، مما يشف عن فراق قسري حكمته الظروف والأقدار، يقول:
مُذْ غِبتِ ودَّعتِ الحياةُ صفاءَها
والشَّمسُ لا تقوى على الإشراقِ
|||
مُذْ غِبْتِ عرسُ النَّاي أصبحَ مأتماً
مُذْ غِبْتِ بيعَ الحُزنُ في الأسواقِ
ثم أكمل قراءاته برسالة إلى فقيد ما، ملؤها العتب ومدادها الشوق، خطها على أوراق الذكريات قوافيا من وجع و حنين، يقول فيها:
يُنازعُني الحنينُ إليكَ شوقاً
لِأيّامٍ تبادَلْنا الودادا
|||
تقاسمنا الفُتاتَ على رصيفٍ
وبالأحلامِ قدْ طفنا البلادا
|||
أنامُ ومنكَ لا مكتوبَ عندي
وكنتُ عليكَ أفنيتُ المدادا
ثم يواصل مؤملا في عودتها مستلهما قصة عودة سيدنا يوسف لأحضان أبيه قائلا:
أشتمُّ رائحةَ القميصِ وإنَّني
حَرَضٌ ولا أقوى على استنشاقي
|||
ستعودُ من أقصى الغيابِ جميلةً
ستعودُ مِثلَ الماءِ والتَّرياقِ
|||
ستعودُ إنّي قدْ عَلمتُ بِعَوْدِها
ما أعلمَ العُشَّاقَ بالعُشَّاقِ!
ثم قرأ نصوصا تنوع قطافها من شجر المشاعر الإنسانية، جمّلت الأجواء، ولاقت استحسان الجمهور وتصفيقه.
اختتم القراءات الشاعر حسن أبو دية الذي افتتح قراءته بالشدو للغربة، واستلهام ثنائية الحياة والموت، التي تغفو بين أجفانها الأحلام، و يورق العمر على ضفافها، يقول:
قد كنت أرنو للحياة صبابةً
أتخمت جوف الأرض بالكلماتِ
|||
حتى رأيت الحلم يقرب خطوةً
فتراجعتْ بين الورى خطواتي
|||
أضحت دروب العمر محض خرافة
وتبعثرتْ بين المدائن ذاتي
ثم قرأ نصا بعنوان “شاعر”، مكتوب بجمر اللغة، بث من خلاله لواعج ذاته وآلامها، مصبحا على أمه رمز الوطن والأمان، يقول:
أسابق بسمةً حمقى إلى حلمٍ.. فتسبقني
وتكتبُ في جفونِ الموج أنِّي عاشقٌ صبٌّ
عشقتُ النظرةَ الحيرى وتعشقني
وتعشق جمرة الأشواق في لغتي
صباح الصبرِ يا أمي
وهل ما زلت حائكةً لي الأحلامَ ألبسها مع الفجر؟
وحاملةً لي البسمات سربالاً..
لأمحو عتمة الليلِ
وأطرد سطوة الغيلان من دربي
وفي الختام كرَّم محمد القصير الشعراء ومقدم الامسية.