هل حل الدولتين سرابيٌ خادع؟
توفيق أبو شومر | فلسطين
كتب الباحث والصحفي الإسرائيلي البارز مقالا عن حل الدولتين يوم 8-10-2022م، أكَّد في مقاله على (سرابية) حل الدولتين لعدم وجود جذر تاريخي لهذا الحل حتى في قراري الأمم المتحدة، 242و 338 ولا في اتفاقية أوسلو!
أوصي هذا الباحث بأن يظل حل الدولتين غيرَ واقعيٍ، أي يبقى حلا سحريا وشعارا سياسيا على لسان كل رؤساء وزراء إسرائيل في المحافل الدولية، فدولة فلسطين عند هذا الباحث مُخترعٌ جديد ليس له أصلٌ في أحداث التاريخ!
قال؛ “في عام 1948 (غزت) الدول العربية إسرائيل، وكان لكل دولة عربية هدفٌ لا علاقة له بتأسيس دولة فلسطينية، فسوريا كانت تود تأسيس سوريا الكبرى وليس تأسيس دولة فلسطين، أما عمَّان فكانت تود ضم الأماكن المقدسة بعد أن فقد الهاشميون سلطتهم في السعودية، أما القاهرة الإفريقية كانت تود أن ترتبط بقارة آسيا”!
أكّد هذا الباحثُ أقواله بأن دول العرب كانوا قادرين أن يؤسسوا دولة فلسطينية في الضفة الغربية عندما كانت الضفة تحت حكم العرب، بين عام 1948-1967م، فلماذا لم يفعلوا؟!
أشار هذا الباحث كذلك إلى خطة تأسيس دولة فلسطين في قطاع غزة، وافقتْ جامعةُ الدول العربية، ما عدا الأردن يوم 22-9-1948م على تأسيس دولة فلسطينية في غزة، وهي حكومة عموم فلسطين، غير أن انضمام الحاج أمين الحسيني للنظام النازي أفسد الخطة!
حذر هذا الباحثُ كلَّ سياسيي إسرائيل من أن يصبح حل الدولتين مطلبا شعبيا حقيقيا، هناك اليوم شرق أوسط جديد، يتمثل في اتفاقية أبرهام يتجاوز حل الدولتين، وهو أيضا بديلٌ عن حل الدولتين!
أرجأتُ ذكر اسم الباحث، دوري غولد لأن آراءه وأفكاره ومقالاته تصبح قوانينَ وخططا يتبنى السياسيون تطبيقها، كان، دوري غولد المولود عام 1953 مستشارا سابقا لأرئيل شارون ثم نتنياهو، وكان أيضا مرشدا ومعلما لطاقم الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، وبخاصة، جاريد كوشنر وديفيد فردمان، كان يحل ضيفا في البيت الأبيض ليشرح لهم كل قضايا فلسطين ودول العرب، وبخاصة عن المملكة العربية السعودية، وهو أحد أبرز عرابي اتفاقية أبراهام، وهو صاحب كتاب عن المملكة العربية السعودية، هو اليوم رئيس مركز القدس للدراسات والأبحاث، قال له، جاريد كوشنر، مستشار الرئيس ترامب السابق: “شكرا تعلمتُ الكثير منك يا دوري غولد”!
إنَّ وصية دوري غولد بأن يظل حل الدولتين، شعارا سياسيا سرابيا هو السائد اليوم في كل أوساط سياسيي إسرائيل، وقد نفَّذ، يائير لابيد وصيةَ دوري غولد في خطابه الأخير في الأمم المتحدة، وعلى الرغم من أن حل الدولتين شعارٌ دبلوماسي سرابي، إلا أن اللوبي الصهيوني الأمريكي اتهم لابيد بخيانة الدولة!
سأظل أذكر، نتنياهو وهو من أبرز تلاميذ دوري غولد حين قال في لقاءٍ له مع أعضاء حزبه ردا على اتهامه بأنه مبتكر شعار حل الدولتين في جامعة، بار إيلان، عام 2009 قال لهم: “لا تصدقوا ما أقوله باللغة الإنجليزية”!
كذلك فإن التيار المسيحاني الصهيوني لا يعارض فقط حل الدولتين، بل يرفض أي كيان فلسطيني مستقل، هذا ما ردده المسيحاني الصهيوني، ديفيد فردمان، سفير ترامب السابق في القدس، حين قال: “لا لأي كيان فلسطيني مستقل، لأنه يتنافى مع عودة الماشيح”!
أما عن تيار الحارديم الديني فهو بكل تأكيد ينفي وجود كل ما هو غير يهودي، هذا التيار المدعوم من الملياردير المتوفى شلدون أدلسون، استهزأ بخطاب لابيد، وأسمى حل الدولتين (دولة لابيدستان)
أما عن (حل الدولتين) عند يساريي إسرائيل، فهم أيضا استعملوه في خطابهم باعتباره شعارا يؤكد إيمانهم بالعدالة والديموقراطية، وليس مبدأً قابلا للتنفيذ والتطبيق، وهم اليوم يرفضونه بعد أن أُصيبوا بالرعب من الحارديم المتزمتين فتبرأوا منه. ومن نماذج هؤلاء الأديب والكاتب المشهور، أبراهام يهوشوع، الذي افتخر قبل أيام في مقال له في صحيفة، يديعوت أحرونوت، قال: ” أصبح حل الدولتين مستحيلا”!
أما نحن فسيظل كثيرون من محللينا ومفكرينا يرددون (حل الدولتين) على حدود ما قبل يوم الخامس من يونيو 1967 يستخدمونه كذلك شعارا سرابيا!
سألتُ سياسيا فلسطينيا بارزا: إذا طُبِّقَ حلُّ الدولتين، فما تعريف حدود الدولة الفلسطينية؟ وما مصير القدس وطريقة حل قضية اللاجئين؟! تردد قليلا وقال وكأنه وجد الجواب الصحيح: “وفق المبادرة العربية عام 2002”!!