الحرب القذرة
سمير حماد
منذ عام 1930 تساءل أمير البيان شكيب أرسلان عن أسباب انحطاط المسلمين والعرب, وتخلفهم, فرآها في الجهل والفقر والجبن والهلع والتخلي عن الثقافة والقيم.. ألا ترون معي ان هذه الأسباب الجوهرية قد تفاقمت وازدادت الآن؟ فنسب الأمية والفقر وحالات الجهل والتخلف زادت في مختلف أرجاء الوطن العربي، وهي التي أفضت إلى ما نحن عليه اليوم من خراب ودمار.
من يتحمّل نتائج ما يجري الآن؟ من أفرغ المجتمع من النّخب الثقافية والفكرية, وحولها الى مجتمعات خانعة خائفة مستكينة؟
اليس هذا ما أشار اليه عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد, ومصارع الاستعباد, حين قال: إن الاستبداد يسلب الفكر ويضني الاجساد بالشقاء فتمرض العقول، وإن أقبح أنواع الاستبداد استبداد الجهل على العلم , واستبدادالنفس على العقل)… لذلك يجب تصويب اتجاه النقاش والتأكيد على مسؤولية الاستبداد في ما وصلت إليه منطقتنا العربية على امتدادها.
أليس الإرهاب هو نفسه، ماترعرع في غرف الانظمة السوداء؟
إن فرض الاختيار بين الاستبداد أوالفوضى مقولة خاطئة, اليس الاستبداد هو مسبب الفوضى الأساسي؟ فوضى الرببع العربي الدموي..على غير ما توقعه حسنو النية من ثواره.. لسنا مع وهم الانتقال الأوتوماتيكي من الاستبداد الى الديموقراطية، لكن ما نراه من وحشية أصولية تكفيرية عاتية, لا يبرر استمرارالفساد واالاستبداد أيضا.
إن شجرة الحرية لاتنتعش الاحين تروّى بدماء الابرياء والقتلة معاً، فهذا مصدر نمائها واخضرار أعصانها، لقد بات من الصعب بعد كل ما تمخّضت عنه هذه الحرب من دمار وخراب وقتل شنيع للابرياء بأنواعه المروّعة, وبعد كل مشاهد العنف غير المعهودة في التاريخ قديمه وحديثه, أن نستشرف المستقبل من خلالها، وبات من السخف استمرار الجدل العقيم بين أطراف النزاع حول ان مانراه هو ثورة أم حرب أهلية أو طائفية، إنها الحرب القذرة , التي تشيطن أي انتماء لأحد اطرافها المتناقضة