قراءة لرواية: أولاد حياة للكاتب أخلد نواس
سهى سلوم | سوريا
” الإضحاك مهنة النبلاء الذين يبعدون الجلطات عن القلب”
فتحت هذه الجملة شهيتي لقراءة رواية (أولاد حياة) للكاتب أخلد نواس التي قرأتها على شكل قصة وسيناريو وحوار لفيلم قادم . ومن المشهد الأول للقصة تشدك حبكة مغزولة بخيوط متقنة الربط بين الأحداث بحنكة خبير في فن تقطيع المشاهد لتشويق القارئ ومتابعته مجريات السرد الغني بالاسقاطات الذكية على القضايا المجتمعية وطرحه للأمراض المتفشية في مجتمعاتنا ومحاولة إيجاد الحلول في تغير بعض المفاهيم والعادات البائته المتوارثة والتي أكل الدهر عليها وشرب .
الأمثال الشعبية؛
عنصر يحفز الذاكرة على تذكر تفاصيل الرواية.“الكلب الجوال لايموت من الجوع” من رواية “دون كيشوت” للروائي سرفانتس الغنية بالأمثال..كما رواية الكاتب أخلد نواس التي أحببت الإضاءة عليها لأنها خدمت النص بشكل رائع:
_ إن شفت الأعمى كُل عشاه ما تكونش أحسن من اللي عماه .
_ يلي يقول لمراتو ياعورة يلعبوا بها الكورة .
_ أولوية المرور للحمار على الدوار .
_ اضحك وعديها الناس لبعضيها .
الغناء المرافق للأحداث المتلاحقة منح الرواية فضاءً رحباً للتحليق عالياً مع النغم والكلمة المنتقاة بعناية صائغ مفردة من ذهب. ” إذا غنيت غنّى العالم معك وإذا حاضرت لن يسمعك أحد ” .
عنصر الدهشة
كان جلياً من خلال الحوارات التي أثارت دهشتي .حين تبدو الشخصية للوهلة الأولى بسيطة عادية وبعد ذلك تتفاجأ بغناها المعرفي والثقافي وخبرتها وحكمتها في الحياة. على سبيل المثال لا الحصر؛ حوار دار بين “دنيا ” الفلاحة البسيطة وبين “نونا ” بطلة الرواية. على لسان “دنيا” نسمع أبيات للشاعر أمل دنقل :
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى ..؟ هي أشياء لا تشترى .
كل شخصية تحمل شخصيتن في مضمونها ، الأولى التى تظهر للناس والثانية من خلال الحوارات نكتشفها لتدهشنا .
حوار بين العم” أبصير” الأعمى وبين أحد الشخصيات :
” العميان مابيصوروش بعض عشان يمسكوا على بعض دليل والله عيب …
ماتظلمش العميان يا أستاذ .
حوار جميل دار بين” الشاطر حسن او حسن سيتزن ” مع “آدم” بطل الرواية :
أهم حاجة في الساعة العامود اللي بيحرك المسننات ،كل اللخبطة اللي عايشين فيها دلوقت انه في أكتر من عامود بيدور عكس بعض .
الفلاش باك أو الخطف خلفاً
الاشتغال على المزج بين الحلم والواقع أضفى خاتمة مميزة للقصة .
رواية استمتعت بقراءتها وممتنة للكاتب الرائع أخلد لأنه أخرجني من دوامة الكآبة وامتناعي عن قراءة الروايات لأنها تفيض بقصص الموت والسجون والسكاكين و “أنا قلبي من الحامض لاوي” .