اساطير مابعد الموت في الحضارات القديمة

 أ.أحمد سليم عوض | القاهرة

العالم الاخر عالم ملئ بالحكايات والغموض أجتهدت كثير من الحضارات في الكشف عنه وكان الخيال والاجتهاد مفتوحا للجميع ،تعالوا نتعرف علي العالم الاخر وأسراره:

1. العالم الآخر في الأسطوريات المصرية
تقف الأهرامات المصرية وكتاب الموتى دليلا على امتلاك المصريين القدامى تصورات واضحة ومتطورة حول العالم الآخر حيث اعتنى المصريون اعتناء بالغا بمصير موتاهم، فصنعوا التوابيت ونقشوها وحنطوا موتاهم، وبنوا القبور استعدادا لأن تنتقل روح المتوفى إلى عالم أخر ثم تصل إلى مكان دينونتها، لتحاكم أمام محكمة إلهية يترأسها أوزريس الذي يحاسب الروح على ما جنته في حياتها ويقدم كتاب الموتى مشاهد من المحاكمة الأوزيرية، التي يصر فيها المتوفى، على أنه لم يخرق قوانين المجتمع وتعاليمه الصارمة على الصعيد الاقتصادي، والاجتماعي بقدر ما كان ملتزما بالطقوس والشرائع الدينية، ولنسمع أحدهم يقول: ” لم أغش قوانين الآلهة، لم أزح قرابين الممجدين، لم أرتكب الزنا، لم أدنس نفسي في موضع إله مدينتي المقدسة، لم أنقض القرابين المستحقة، لم أزد ولم أنقص شبرا من الأرض، لم أنتزع اللبن من فم رضيع، لم أستول على حقول الآخرين، لم أغش الكيل، لم أطفف الميزان، ولم أطرد من مراعيه، ولم…، ولم…، ولم…

2. العالم الآخر في الأسطوريات البابلية:
يمكن أن نستخلص ملامح العالم الآخر في بلاد الرافدين وخاصة في عصرها البابلي انطلاقا من أثرين عالميين، كان لهما وصمتهما الخاصة قديما وحديثا، يتعلق الأمر بأسطورة عشتار، وقصة هبوطها إلى العالم السفلي بحثا عن حبيبها تموز، وملحمة جلجامش؛ الملك البابلي الذي سافر إلى العالم الآخر باحثا عن الخلود والنعيم الأبدي.حيث تقول الأسطورة “إن عشتار هبطت إلى العالم السفلي، وبعد أن جاوزت الأبواب السبعة وخلعت عند كل باب منها ما كانت تتحلى به من ثياب وجواهر حتى وصلت عارية إلى قاعة المحاكمة، هناك حكمت عليها نيرشكيغال وزوجها نيرجال بالموت الأبدي، غير أن “إيا” إله الماء والحكمة، أرسل ماء الحياة ليبعثها من موتها، فاستعادت ملابسها وجواهرها عند الأبواب السبعة في طريق عودتها إلى سطح الأرض وتركت وراءها تموز يحل محلها بين الموتى”.

3. العالم الآخر في الأسطوريات الإغريقية.
كانت هذه الأسطورة في البداية ضبابية، غائمة، فلم تشر الأساطير اليونانية إلا إلى مكان ذي أصول مصرية يسمى “تارتار.” يربط بول غيسوني (Paul GHISONI) بين تارتار وداردروت المصرية، وهي كلمة موحية تدل على البيت الأبدي، كما تعني حفرة في شكل جرة تنتهي بعنق ضيق تخرج منه جذور العالم “وظل الأمر كذلك إلى أن ظهرت الأورفية (ORPHISME)* في القرن السادس قبل الميلاد، كرد فعل على سلسلة الفتن والحروب الأهلية التي عمت المدن الداخلية الإغريقية، فجاءت هذه الحركة تيارا دينيا قويا يحاول أن يتعالى على هزائم الواقع وانكساراته بخلق عالم آخر بديل، ينعم فيه الصالحون بنعيم أبدي، ويعاني فيه المذنبون عقابا مقيما.

4. العالم الآخر في الأسطوريات الهندية:
اهتمت البوذية بتشكيل تصورات أسطورية/ دينية عن العالم الآخر، فكان ثمة اعتقاد بالسفر الجهنمي، والمحاسبة، وجلسات المحاكمة، وميزان الأعمال، وكان هناك تنويعات جغرافية لخريطة العالم الآخر، كما تفننت الأساطير في رسم عذابات الأرواح الشقية، ونعيم أرواح المباركين، فروت كيف “تتوجه الروح بعد الوفاة إما للجحيم الذي يقتضي تمثيلات لنظام مرعب بواسطة الحيوانات على وجه الخصوص، وإما نحو درجة من درجات الفردوس الموجود في القمر انتظارا لميلاد نظام راق، ويسمى هذا الدرب “الدرب القمري” أو “طريق الآلهة” لأن الشمس تسمح لهم بالوصول إلى العالم المتسامي للبراهمان.

المراجع :
1. مصطفى العدوي: الفردوس المفقود في الأساطير، مجلة كتابات معاصره
٢- إريك هور نونج وادي الملوك. أفق الأبدية. العالم الآخر لدى قدماء المصريين. ت محمد العزب موسى .
٣- برت إم هرو: كتاب الموتى الفرعوني ترجمة عن الهيروغليفية السير والسن، ونقله للعربية فيليب عطية. مكتبة مدبولي ط2، 2000، ص 123
٤-وادي الملوك. أفق الأبدية، العالم الآخر لدى المصريين القدامى.
٥. منى طلبة: أدب الرحلة إلى العالم الآخر
***************************
((وهذا في إطار مبادرة حضارتنا لنشر الوعي الأثري تحت رعاية فريق كنوز أثرية))

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى