لقد تم اختيارك للوظيفة.. رسالتي لعام 2023 لكل المبدعين الذين لم ينكشفوا بعد
رجاء البوعلي |كاتبة سعودية
في عام 2012 نظرت إلى المرآة وقلت: لقد كبرت! ولم أحصل على وظيفة مناسبة بعد! كم بقي على نهاية الحياة؟ ثم تذكرت أنني في العشرين من العمر، ولازال هناك متسع لصناعة الحلم بدلًا من الاستسلام للأوهام!
فقلت لنفسي: *”مادامت الحياة لم تهدني قدرًا مختصرًا، عليّ أن أصنع الوظيفة!”*
وفي 2014 أعلنت عن تقديم أول دورة تدريبية تطوعية بعنوان: صناعة فريق العمل، فدعتني لأول مرة فتيات نادي غراس توستماسترز، سُعدت بتلك التجربة لأنها الخطوة الأولى التي فتحت لي بوابة المجتمع، وعرفتني على فتيات من جيلي، يحملن تطلعات إنسانية ويبذلنها دون مقابل مادي، فعرفت أن الخير موجود في الناس، وبالعطاء نصبح جزءًا منه، فواصلت التدريب التطوعي مع جهات متفاوتة، وكنت أسعد بكل تجربة تُكسبني معرفة ما، وتكشف لي كم كنتُ محدودة قبلها، فقدمت التدريب التطوعي لبعض مؤسسات المجتمع المدني.
شغلتني قضايا المواطنة، فكتبت عنها وانتسبت لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لأدرب بصفة معتمدة، فدخلت المدارس الأهلية لتدريب فئة الأمهات على مهارات الحوار الحضاري، وتواصلت مع الجمعيات الخيرية لتدريب منتسبيها وفئات المجتمع، ثم حصلت على اعتماد التدريب من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وقدمت التدريب في المراكز والمعاهد الخاصة لفئات متعددة.
وعبر هذه السنوات، حصلت على وظائف لا تلبي طموحي لكني رضيت على أمل الوصول، واصلت تحصيل الشهادات في المجالات الإدارية والقيادية بتميز وكفاءة دون انتظار أي تقدير من أحد، التحقت بالبرامج لتطوير نفسي من موقعي الوظيفي الذي أعلم جيدًا أنه لن يهتم للشهادة القادمة، ولكني كنت أتنافس مع نفسي وأقارن يومي بأمسي وأتطلع لغدٍ أفضل.
وفي 2016 أجريت مقابلة وظيفية في القطاع الصحي الخاص، فأمر المدير العام بتوظيفي وافتتاح قسم تجربة المريض المسمى آنذاك ” قسم علاقات المرضى” ورأى أن كفاءاتي ومهاراتي الشخصية قادرة على إدارة شكاوى المرضى وحل مشكلاتهم، مُتجاهلًا أولوية التدريب بالنسبة لي، ومُقدمًا أولوية المريض (العميل) بالنسبة له، فوافقت لكي لا أخسر الوظيفة واشترطت إبقائي على تكليف التدريب لأنه شغفي الأول، ووعدته بالتوفيق بين المهام الوظيفية لكلا الموقعين.
حاولت الربط بين القسمين، وبدأت بتصميم التدريب المناسب وفقًا لنتائج استطلاع رضا العملاء (المرضى)، وأصبحت ملاحظاتي وتوجيهاتي في قاعة التدريب ذات قيمة واهتمام لدى جميع منسوبي المستشفى لأن مصدرها هو أصوات المرضى التي تصلني يوميًا، وهكذا نجحت في إقناع الإدارة العليا بأهمية وضرورة التدريب الإداري لجميع منسوبي المنشأة الصحية.
عرّفني مكتب ” تجربة المريض” على أنواع الشخصيات وفقًا لمستوياتهم الوظيفية وطبقاتهم الاجتماعية ومرجعياتهم الثقافية، وكيفية التعامل معهم من قلب الحدث. أما قاعة التدريب فعلمتني أن استمرارية التعلم والتدريب والممارسة هي سر تطور الإنسان في جميع المجالات، وأن لكل مشكلة حل، وأن المرونة سمة من سمات الناجحين، وأن التطور لا يتحقق إلا برغبة ذاتية في التغيير.
أجريت مقابلات وظيفية عدة، سمعت تعليقات متنوعة، من قبيل: “دعكِ من البحث عن وظيفة، وفكري في المشروع، فمثلكِ قادرة”، وآخر: “انظري إلى الساعة، واعلمي أن المقابلة الوظيفية إذا تجاوزت 30 دقيقة فهذا دليل على نجاحها، وقد استغرقنا مايقارب الساعة حتى الآن”. وآخر: ” التدريب عملية سهلة يمكنك القيام بها جانبيًا، نحن نريدكِ معنا في إدارة التطوير”، وذات مرة سُئلت: ما الذي يشعركِ بالنجاح؟ فأجبت: تحقيقه الفعلي.
عرفت بعد كل هذه المقابلات الناجحة أن لاشيء مضمون لأسباب عدة، إنما علينا أن نضمن كفاءتنا الشخصية، بالإيمان بأنفسنا ومواصلة طريق التعلم والتحصيل. فقيل لي في آخر مقابلة: هل ستفرط فيكِ منشأتكِ بهذه السرعة؟ دون تقديم عرضًا أفضل مما قدمناه؟ فأجبت: وسأقبل بعرضكم، لأنه سيفتح لي أفقًا أوسع لتطوير المورد البشري. فبعثوا لي بعد أيام: مبروك، لقد تم اختياركِ للوظيفة.
وهكذا، أفتتح السنة الميلادية 2023 برحلة جديدة في حياتي المهنية، كمشرفة التدريب على قطاع المنطقة الشرقية بشركة الجميح للسيارات.
يقول لويس شفروليه: لا تيأس أبدًا “Never give up “، وهذه رسالتي لكل المبدعين الذين لم ينكشفوا بعد؛ ” *لاتيأسوا أبدًا، اخمدوا أصوات الإحباط والسلبية، وافتحوا نوافذ الإيمان والإيجابية، وتفقدوا أنفسكم بدقة، واعرفوا مناطق القوة، وانطلقوا منها، وبالسعي والاجتهاد ستصلون”*.