عصمت الدوسكي غريب في وطنه
تعقيب بقلم الأديب : أنيس ميرو – زاخو
في العصر الحديث ظهرت الغربة بأشكال غريبة فلم تعد الغربة الابتعاد عن الوطن فقط فأشد منها أن تشعر بالغربة داخل الوطن وقد ذكر الله في كتابه الكريم : “ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم” (سورة النساء – الآية ٦٦) لا شك أنّ ظروفاً صعبة معاناة حرمان مكابدات فقر جهل فساد يمر بها الوطن، فالملايين هُجّروا ومئات الآلاف قتلوا والمئات غرقوا في البحار باحثين عن بريق أمل. كل المآسي والتناقضات والجراحات التي نراها ونعيشها ونسمع بها ليست سوى تحدٍ لنا بأن ننهض، ننهض بها بجهود شخصية أدبية فكرية إبداعية لكي يصل صوتنا للعالم كي لا نسمح للغربة داخل الوطن وخارجه بأن توقع بلادنا في المستنقع الذي وقعت به.
من هنا أثمن كل كلمة كتبتها الأديبة والكاتبة المسرحية والناقدة والشاعرة (فوزية بن حورية) من تونس الشقيقة عن الأديب والشاعر والناقد الأستاذ) عصمت شاهين الدوسكي (لقد سعدت بما قرأته بهذه الدراسة الراقية التي أخذت من وقت ووجدان هذه الأديبة التي وضعت النقاط على الحروف لقد شخصت بهدوء وتمعن ورؤية شاملة هذا الأديب الراقي الذي يحمل كل هذه القيم الفاضلة والإمكانيات اللامتناهية في الوصف والتعبير وبالعزف على أوتار قلوب القراء والمتابعين له في كل مكان من عالمنا الفسيح على امتداد عالمنا العربي والأوربي باستثناء وطنه العراق و(إقليم كوردستان العراق) لكونه مغيب؟ مشهور في العالم ويعيش الغربة داخل الوطن؟ النجومية والشهرة في مضمار الأدب كان دوما مشخصا لدى عظماء كل العصور والأزمنة منذ قديم الزمان. فهل المكان والأحداث تأثيرها سلبيا وسببا لضياع اسمه وعنوانه مع زخم المشاكل التي تلاحق العراق والعراقيين من أدباء وعلماء ومفكرين في هذا الزمان والمكان لذا نرى أن لديه لقاءات مع غالبية الصحف والمجلات الرزينة. باستثناء وطنه (العراق وفي إقليم كوردستان العراق) هذا شيء غريب إلا ما ندر بعض المجلات والصحف التي تنشر مختلف جهده الأدبي! هذا الإقبال المتميز من اغلب الجهات الأدبية والإعلامية من مختلف الدول العربية… هذا يذكرني بمختلف أدبائنا العظام في العالم العربي وفي مختلف العصور والأزمنة القديمة. أتساءل إن كانت قيمة هذا الأديب المتميز لاتقل عن من سبقوه من الأدباء والشعراء على مدى الحقب الزمنية التي سبقته والتي ذكرتها الأديبة التونسية في مقالها الشامل “عصمت شاهين الدوسكي لسان عصره ” أقول مرة أخرى لماذا هذا الغبن والتهميش من قبل الحكومة المركزية وحتى من قبل حكومة إقليم كوردستان العراق. ادعوهم للاهتمام بالأدباء والمفكرين والمبدعين اجزم انه الفساد والإهمال واللا مبالاة التي تسببت بهذا الإهمال و الضياع! متى تستفيق الجهات المختصة لهذا الإهمال المتعمد مع تراكم متعمد بسبب فيض من المشاكل السياسية والاقتصادية والعمليات الإرهابية التي طالت غالبية المنطقة والأراضي العراقية. لقد أثلجت صدورنا وحدة وتلاحم الشعب العراقي من الفاو لغاية زاخو ومساهمة أبناء الشعب الواحد بالاحتفالات المتتالية بالحدث الكبير مباريات كأس دول الخليج العربي في البصرة مع هذا التجانس و المحبة التي وحدت كل العراقيين ودول الخليج العربي . نحمد الله على ذلك لقد آن الأوان أن نهتم بأدبائنا ومفكرينا وفنانينا من المتميزين في مختلف المجالات هم وحدهم سوف يعيدون أمجاد هذا الوطن ومن وقع هذه الكلمات استذكر الكبار من أمثال الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة والعلامة الجليل الدكتور علي الوردي والشاعر الكبير بلند الحيدري والشاعر الكبير عريان السيد خلف والشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد والأديب عبد الله كوران وشيركو بيكه س ولطيف هلمت والإعلامي الكبير احمد لفته علي ونزار البزاز وغيرهم من أسماء كثيرة ممن حفروا أسمائهم بحروف من ذهب في صفحات ذاكرة الشعب العراقي الأبي وفي الوطن العربي والعالم بأسره. أتوقع أن تسهم هذه الدراسة المستضيفة من قبل هذه الأدبية المتمرسة (فوزية بن حورية)أن تنبه الجهات المشرفة على الثقافة في المركز وفي حكومة الإقليم للاهتمام بهذه الثروة الأدبية وأن يتم توفير الضروريات الأساسية للعيش باحترام في المجتمع بصراحة شاهدنا نماذج متعددة من الإهمال بحق هؤلاء الأدباء والشعراء العراقيين مما دفعهم للهروب من العراق بسبب الإهمال والملاحقة وحتى القتل واغلبهم تعرضوا لمصير يؤسف عليه استغربت من صرخة الفنان (محمد حسين عبد الرحيم) انه من أصول فلسطينية يسكن العراق قبل أربعين سنة وهو محروم من الجنسية العراقية رغم عطائه المستمر من خلال عمله الفني في بغداد؟ استغربت انه يبحث عن الجنسية العراقية وإعلامنا منذ الأربعينيات يتحدثون عن الأمة العربية وفلسطين انه تناقض كبير؟ بينما ملايين من مواطني قارات وقوميات وديانات العالم أصبحوا مواطنين من الدرجة الأولى في غالبية الدول الأوربية والكثيرين منهم يتبوءون مناصب من الدرجة الأولى في كندا وأمريكا والسويد وفرنسا وبريطانيا ؟ في الختام لا يسعني إلا أن احيي هذه الأديبة الكبيرة المتميزة (فوزية بن حورية) التي شخصت نبوغ أديبنا وشاعرنا الكبير (عصمت شاهين الدوسكي) الذي يلاحقه الإهمال وشظف العيش ومحروم من حقه بالعمل وحتى تأمين مصدر عيش محترم له؟ وهذه ليست المرة الأولى التي كُتبت واشيرت إليه بل سبقتها دراسات مهمة أيضا من عدا المقالات المتفرقة صدرت كتب عن أدبه وشعره وأعماله ومنها ” كتاب “عصمت الدوسكي القلم وبناء فكر الإنسان للأديب والإعلامي الكبير أحمد لفته علي 2019 م ” وكتاب “عصمت شاهين الدوسكي القلم العاشق في الزمن المحترق للأكاديمية السورية كلستان المرعي 2021 م “وكتاب “عصمت شاهين الدوسكي التأرجح الشاهيني بين التقصي والتشخيص للأديبة والإعلامية التونسية هندة العكرمي 2022 م ” مما يدل على أهمية هذا الأديب في هذا العصر المضطرب بأحداثه وتقلباته وتناقضاته وأنا مع الأديبة التونسية فوزية بن حورية إنه لسان عصره . فهل من الممكن مراجعة ضميرنا والالتفات قليلا إلى هؤلاء الأدباء والمبدعين والاهتمام بهم ..؟