الرفيف إلى بوابة السماء وزمن الحرب في مروية الأديبة د. أسمهان الحلواني 

وليدة محمد عنتابي | شاعرة وكاتبة سورية

الرفيف إلى بوابة السماء
وزمن الحرب في مروية الأديبة د. أسمهان الحلواني .

صدر عن دار سين للثقافة والإعلام في دمشق رواية : الرفيف إلى بوابة السماء للدكتورة أسمهان الحلواني ، في 260 صفحة ضمن غلاف أنيق من تصميم الأديبة كونها فنانة تشكيلية وشاعرة متميزة . تتوزع الرواية إلى فصول مرقمة دون عنوانين ، وهذه دلالة على أهمية الأرقام التي تشير ولا تخبر عن مضمون فصولها وتثير فضول القارئ إلى استنباط ما تحت تسلسلها من أحداث .
تلك الرواية التي تناولت في سيرورتها السردية الإبداعية أحداث أفرزتها الحرب الكونية التي شنتها القوى الظلامية باستخدام مرتزقة وعصابات دخيلة على تاريخها وتراثها وعروبتها وبالتالي على وجودها كدولة حرة مستقلة ذات سيادة ومركز اعتباري ، في مؤامرة دنيئة لتفكيكها وإنهاء تماسكها وتشويه العلاقة بين شرائحها المتعايشة بسلام وأمان .

في الرفيف إلى بوابة السماء تتجلى تلك الأرواح الهائمة في ملكوت وجودها مترعة بأسئلتها ، منتشة بذورها في تربة المكان ، تطاول أبعادا لامتدادها في ذاكرة زمن يجتازها محطات تتلاحق على طريق يفلت منها ، ليلحق بمركباته المسافرة في اللاوصول .
من خلال لغة شعرية باذخة تدلف الأديبة إلى عالم الرواية منتجة أبطال مرويتها في نسيج حيوي مخصب متنام ومتواكب وما يستجد من أحداث حكمت زمنا محمولا في ضمير الكاتبة مرهصا أحداثا تنامت واستطال حملها، حتى آن آوان وضعها .
تتبدى للقارئ شخصية عنقاء بطلة الرواية الرئيسة والتي تقف من ورائها الساردة لتعبر عن أفكارها وتطلعاتها وآمالها ، وما تمخص عن معاناتها ومعاناة الملايين من ابناء شعبها خلال فترة الحرب المحكومة بالرهبة وبكل ما ينفي إنسانية وأمن الكائن البشري .
تلك الحرب العبثية المتربصة بوجود شعب آمن مسالم عانى ماعاناه حتى استطاع من خلال إيمانه وصموده وبطولة جيشه وحكمة قيادته أن يجتاز تلك المعاناة الممهورة بدمه ودموعه .
تصور لنا أحداث الرواية ما أفرزته تلك الحرب من ملابسات وما كشفته من جشع التجار واستغلالهم، وبؤس المهجرين ، ونبل واستبسال أبناء هذه الأمة ، الذين قاوموا وصمدوا ودفعوا دمهم مهرا لخلاص محتوم .
استطاعت الأديبة ان تمتلك ناصية السرد الروائي بفنية عالية ، بأدواتها وطبيعتها كشاعرة متميزة وفنانة تشكيلية ذات مخيلة خصبة تجلت في صورها الشعرية ومجازاتها المرسلة إلى آفاق البدعة ، وحيوية محاورات أبطالها .
يحكم أجواء الرواية مفهوم الحب بتجلياته المتعددة ، ذلك المفهوم الأسمى في دنيا المشاعر والعواطف .
( الحب شمعة متقدة ، ولكي نبقي على لهيبها مشتعلا نحتاج الأوكسحين ، هذا الأوكسجين هو المساحة التي لم تعطها ياقوت ليحيى ، وهو من أراد الإبقاء على شمعته مضاءة ، فذهب للتنفس خارجا ، وهذا ما لم تفهمه ياقوت ) .
يحيى هو والد العنقاء الذي انفصل عن ياقوت والدة العنقاء وانخرط في صفوف المقاومة ، مستعيضا عن حب بحب آخر .
حملت الأديبة روايتها الكثير من الأفكار ، فجاءت الرواية ترفل بثرائها وغناها ، لتشد ذائقة المتلقي مطلقة أنبل مافيه من مشاعر وتطلعات .
بكلمة مختصرة رواية الرفيف إلى بوابة السماء من أهم الروايات التي تناولت زمن الحرب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى