أدب

أوراق الخريف.. رحيل (١)

بقلم: شرين خليل

عبد القادر عميد بإحدى الجامعات/ سميحة زوجته وربة منزل/ الأولاد: (رأفت، عاصم، أشجان، رحيل)
اليوم هو يوم زفاف رأفت الإبن الأكبر.. الأنوار تملأ المكان … منزل كالقصر يُحاط بحديقة كبيرة امتلأت بالضيوف.
عبد القادر في غرفته يرتدي ثيابه وزوجته سميحة تساعده:
-أخيراً ياسميحة رأفت هايتجوز..
-الحمد لله ياعبد القادر إحنا كنا فين وبقينا فين ..
-الحمد لله إنه اقتنع أخيراً..بس عارفه ياسميحة إنتي اللي دلعتيه وعشان كده هو الوحيد في إخواته اللي مش بيسمع كلامي واتجوز بعد اخواته الأصغر منه.
-معلش يا عبد القادر هو ظروفه كانت كده..
-ظروفه إيه بس هو أنا حرمته من حاجه ..إنتي بس اللي قلبك حنين أزيد من اللازم ..المهم إحنا كده جوزنا الولاد كلهم باقي بس رحيل ..
– رحيل!! رحيل لسه صغيرة ..لسه بدري..
-بدري من عمرك دا العريس موجود في الحفلة وزمانه مستني برا ..
-عريس !؟؟
-ايوا ومش أي عريس …عريس زي ما الكتاب بيقول…
– إنت بتتكلم بجد..
-ومن إمتى أنا بهزر في الكلام ده…ولا حتى من طبعي الهزار..
-طيب فهمني..
-شوفي ياسميحة إنتي عارفه كويس إن رحيل لها معزة خاصة عندي ..
-طبعاً عارفه كويس هو أنا أقدر أنسى ..
-تنسي إيه ياسميحة؟؟
– الماضي يا عبد القادر البنت اللي إنت حبتها عليا لما كنت في مؤتمر برا مصر الدكتورة العراقية وسميت رحيل على إسمها..
-ياااا ياسميحة دا كان مجرد إعجاب بشخصيتها مش أكتر وخلاص راحت لحالها…
-لو كانت راحت لحالها ماكنتش سميت رحيل على إسمها…إنت ناسي وقتها كنت عامل إزاي كنت مُتيم بها كانت شاغله كل وقتك وكنت بتفكر تتجوزها يعني مش مجرد إعجاب زي ما بتقول..
-لا ياسميحة كان إعجاب بس إعجاب بشخصيتها وعقلها وطريقتها وانبهار بيها لكن رجعت لعقلي بسرعة ورجعت لك هو أنا بردو هالاقي أحسن منك فين ياسميحة..
وبعدين بلاش يبقى قلبك إسود كده وإنسي اللي فات خلينا في اللي جاي ..
-عمر قلبي ما كان إسود بس أنا اللي مش قادره أنسى الحكاية دي لإنها جرحتني وكنت ببكي ليل نهار وأقول لنفسي أنا قصرت في إيه ولا عملت إيه دا أنا من يوم ما إتجوزتك وأنا نسيت الدنيا كلها، نسيت أهلي، وقرايبي وصحباتي وتعليمي ..كنت بحلم أدخل كلية وماكملتش عشان أكون متفرغة لك ..حياتي كلها كانت لك..وبعد كل دا ألاقيك بتروح مني وبتنجذب لواحدة تانية وفي الآخر تقولي مايبقاش قلبك إسود ..
-ما أنا فوقت ورجعت لك على طول وبعدها إنتي صممتي تكملي تعليمك وبقى معاكي شهادة ..
-شهادة متوسطة..وأنا اللي كنت بحلم أدخل كلية..
-كفاية ياسميحة ماتقلبيش في ماضي وانتهي ومش عاوز أشوف الدموع دي في عينيك تاني ..إحنا في يوم فرح ..إفرحي وأرجوكي إنسى اللي فات ..
– طيب ياعبد القادر خلينا في دلوقتي قولي إيه موضوع العريس دا؟
-دا أستاذ مساعد في الجامعة شاب ممتاز جداً ومن عائلة كبيرة …
-أستاذ مساعد!! مش هيبقى سنه كبير؟ دي رحيل لسه ١٩ سنة ..
– وإيه يعني ما أنا إتجوزتك وأنا أكبر منك ب ١٥ سنة …
-الزمن مش هو الزمن يا عبد القادر…
-لا الزمن هو الزمن والأصول مش بتتغير أنا عاوز بنتي تبقى مع واحد ابن أصول وابن ناس ولا عاوزاها تتعلق بشاب طايش أو ولد من بيئة مش كويسة..لازم تتجوز في نفس مستوى إخواتها..
– أنا خايفة عليها ومش عاوزاها تتجوز بدري وماتكملش تعليمها وتعمل زي ما أنا عملت وتلاقي جوزها بيحب عليها واحدة معاها دكتوراة..
-وبعدين ياسميحة بلاش السيرة دي تاني..
-حاضر ياعبد القادر..اسمه إيه العريس دا ..
-اسمه باهر سليمان ..وأنا متأكد إن رحيل هاتنبهر بيه ..بس في مشكلة صغيرة مش هاتأثر على أي حاجه..
-خير؟؟
– هو مُطلق..
-كماان ..ليه ياعبد القادر عاوز تعمل كده في بنتك..
-إيه المشكلة هو إتجوز بنت من وسط أقل منهم ومقدرش يتوافق معاها وانفصلوا..
-وياترى في إيه تاني؟
-في بنت طفلة صغيرة كانت نتيجة الجوازة الخطأ دي لكن البنت مع والدة باهر هي اللي بتربيها عشان ماتترباش في وسط مش تمام ..
-وأنا بنتي ليه تتجوز واحد أكبر منها ومطلق كمان دي رحيل أجمل وأرق بنت في العائلة كلها ..
-ما إنتي إتجوزتيني وأنا أرمل ومعايا رأفت..
-الأرمل غير المطلق ..المطلق مشاكله كتير وممكن يرجع لمراته لكن الأرمل دي حاجة بتاعت ربنا ملوش دخل فيها ..
-سميحة مش عاوز كلام كتير في الموضوع دا دي مصلحة بنتي وأنا عارف أنا بعمل إيه..
وكفاية كلام وخلينا ننزل للمعازيم وهاعرفك على باهر وهاتشوفي بنفسك قد إيه هو شاب ممتاز وابن ناس وزوق جداً…
-أمرك يا عبد القادر…
وبدأ الحفل في جو ملئ بالفرح والسرور…
الجميع منبهر بجمال المكان وروعة المناظر ..
أما رحيل فهي كاللؤلؤة التي تجذب كل من يراها ..
باهر يجلس بعيد ولكنه يراقبها وينتظر الفرصة لكي يتحدث معها …
وعندما أوشكت الحفلة على الإنتهاء تقدم باهر ليقدم التهنئة للعروسين…
واقترب من رحيل وبدأ يتحدث معها :
مبروك يا آنسة رحيل..
-الله يبارك في حضرتك..
-عقبالك..
-شكراً جداً..
-أحب أعرفك بنفسي أنا الدكتور باهر ..شفتك عند بابا في الجامعة..ودايماً بابا بيحكي عنك واضح إن ليكي معزة خاصة عنده..
-أهلاً بحضرتك يادكتور أنا فعلاً شفتك وفاكراك..
وقف عبد القادر يشاهد مايحدث وهو سعيد بنجاح خطته وبالفعل بدأ باهر يجذب رحيل إليه ..
وبدأت مرحلة الإنبهار بهذا الشاب الأنيق في كل شئ الرائع في حديثه فكل من يتحدث إليه ينبهر به …
فهو حقاً اسم على مُسمى..
انتهى الزفاف وذهب الجميع ..
وجلست رحيل في غرفتها تحلم بباهر وتتذكر كل كلمة قالها …
طرق والدها باب الغرفة ودخل ليعرف منها رأيها في باهر:
-لسه صاحيه يارحيل ..
-أيوا يابابا ..
-الفرح كان جميل صح؟؟
-جداً
-عقبالك ياحبيبتي وهاعملك فرح أحسن منه دا إنتي الصغيرة أخر العنقود..
-حبيبي يابابا ربنا يخليك ليا..
-طيب قوليلي بقى ..
-نعم يابابا ..
-إيه رأيك في الدكتور باهر؟؟
-رأيي إزاي ؟؟ مش فاهمه..
-لا فاهمه والدليل على كده إن وشك إحمر من الكسوف..
بصي يابنتي المثل بيقول أخطب لبنتك ولا تخطبش لابنك وباهر عاوز يتجوز ويستقر وبصراحة هو عاجبني جداً عشان كده طلبت منك تيجي لي المكتب في الجامعة عشان يشوفك وتشوفيه وهو عشان ذكي ولماح فهم إني عاوزه يخطبك…
-معقول يابابا بالسرعة دي ..
-يابنتي خير البر عاجله ..هو كان جاي الفرح انهارده عشان يشوفك ..يابنتي أنا خلاص هاطلع معاش السنة دي وعاوز اطمن عليكي وعلى مستقبلك …
-ربنا يديك طولة العمر انت لسه شباب يادكتور عبد القادر..
-أنا هاسيبك تفكري يومين مش أكتر عشان باهر منتظر…
-اللي تشوفه يابابا ..
-يعني موافقه ..
-مش محتاجه تفكير ..أنا مقدرش يكون ليا رأي غير رأيك..
-طول عمرك عاقلة يارحيل …
-عموماً أنا هاسيبه يومين بردو وابقى أرد عليه …
-طيب وماما رأيها أيه ؟
-مامتك كل خوفها إنك ماتكمليش تعليمك..
-لا طبعاً لازم أكمل تعليمي …
-واضح إنك معجبه بباهر..
-بصراحة يابابا هو يستاهل الإعجاب بجد إنسان مميز جداً وكفاية إنه تلميذك يادكتور ..
-طمنتيني يارحيل هاسيبك بقى وأروح أنام وأنا مرتاح وإن شاء الله أخر الشهر هايكون فرحك على الدكتور باهر ابن الحسب والنسب…
خرج عبد القادر وترك رحيل في عالم آخر، عالم ملئ بالأحلام الوردية ..تنتظر الصباح بلهفة حتى يأتي إليها الفارس الشجاع…
ومرت الأيام وتمت الخطبة…وباقي أيام قليلة على إتمام الزواج..
رحيل لا ترى أمامها سوى باهر فكل يوم تزداد تعلقاً به وحباً له ..
وجاء اليوم المنتظر وتم الزواج وأصبحت رحيل زوجة لباهر …
وبدأت مرحلة جديدة وحياة لم تكن تتوقعها ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى