أدب
عِرق الهوا
بقلم: عبدالسلام عطاري
أذْكُر على يمين باب بيتِنا، كان “عِرق الهوا” بصفيحةِ “سَمْنِ الغزالين” البيضاء كتلك الأيام، يتعربش على ظهرِ البيت.
باب بيتنا الذي لم يجدّده أبي منذ أن فَرِحَ أخوتي بغرفتينِ للنوم وحامل خشبي للفراش وثالثةٍ للضّيوف، ومصطبة ملساء، وباب الدار الفوّاح على الطّريق، ليستريح الغريب إن مرّ وسأل عن شربة ماء.
الطريق المرصوفة من حجرٍ أسمر صلدٍ كالأيادي الخَشنة التي رَصفته وشربت من عَرق جباههم السمراء وطربت على صوتِ ردّاتِ الميجنا والجفرا لشد الهمة.
كلما عَبَرْت الطريق أغمض عيني على الرصيف العتيق، وتنشّقت الذاكرة، تنشّقت عِطر كفَّيها، بيدَيها كان الغريب يطفئ ظمأ التعب، و”عِرق الهوا” الذي ذبل اخضراره، “عِرق الهوا” يعرف اليد التي تسقيه، عرق الهوا يُذكِّرُني بمعنى الحزن العميق الذي لا ينتهي.