شهادات.. عن ذلك الشيب سأتحدث
حيدر الحجاج | العراق
كيف لي أن أخوضَ في تمرينٍ للكتابةِ عن قميصهِ الأبيض كلحيتهِ التي دشنتها ترسانة الحروب الطويلة ليوراي بعدها ساقهُ اليمنى التي حملتهُ لمجزرةٍ بشرية بفحمها وغبارها الثقيل
المشحون بالفقدانِ ورائحة الشواءِ المقيتِ حد الثمالة الموجعة ليواريها واقصدُ ساقهُ في مقبرةِ الانكليز قريبًا من المعبدِ المندائي، ساقه التي اتجهتْ بحياتهِ إلى منفٍ آخر مكتسٍ بحسرةٍ يفوق جمرها ضياعُ الأماني في باحتهِ الصغيرة….
ياه كم بكيتُ مرارًا وتكرارًا على روحك المنسيةِ بعد أن كنتَ قبطانها الذي لم تتمكن منهُ الآلات العصية وتكورت بقبضتكَ أيها الفتى المحمومُ بالجنونِ وحده..
ليس من السهلِ جدّا أن تخوضَ في حياةِ رجلٍ افنى زمنهُ الطويل في إحترامِ منجزه الأدبي موظفًا جلَّ وقته الثمين بين ترسانة النحتِ والشعرِ والقصةِ والروايةِ مؤخرًا، هو الذي توسد حربًا فانية اخذت منهُ ساقهُ فلمْ يتوانَ عن حراكهِ الثقافي الذي يراه المتنفس، ويهربُ فيه من عالمٍ تناوشته الويلات.. إنه ذلك البريق الذي أعرفه ببسمتهِ الساخرة ولحيتهِ البيضاء التي اخذتْ بياضها من ملحِ البحارِ التي خاض امواجها العاتية بقلبٍ لمْ تتناوشه المخاوف وكانت معطفهُ لسنينٍ مضت، إنه القامةُ الأبيةُ بشممها وشموخها العالي، إنه الذات المنسية التي بذلت كل ذلك العطاء الثر ولمْ تنحنِ للريح. ويكفيه إنه الكابتن ديفيد تلك التسميةُ التي أطلقها عليه اقرانهُ من عتاتِ البحر..
فكيف لي أن ادشنَ حرَوفي بقداسهِ وهو الجريحُ لذلك القدر السيئ، القدرُ الذي عاندهُ في كل شيءٍ على الرغمِ من طيبتهِ ومرارتهِ التي لم يعرفها احد…
إنه القصيُ هناك في عزلتهِ التي صاغها عبرَ وجعه النقي الذي لمْ يبثه لاحد حتى لا ينكسر عنفوانهُ وعزته التي لا يعرفها إلا من التصقَ بهِ وعرفهُ عن كثبٍ إنه الرفيف الحي لمسلكِ الحروفِ أن أرادت أن تكون نقيةً خالصةً لتمسَ قلوبِ محبيها
كيف لي أن اجسدَ هذا الكم الهائل من التيهِ الذي أبعدهُ عن زرقة البحر ليكون معزولًا عن أسماكهِ التي لبطت في حروفهِ ومرثياتهِ
التي نطقها وجعهُ اليومي وباحت بها عيونه التي غلفتها هول تلك الفجائع
ياه عتبي وعتبك لايكفيان على هذا القدر المحموم بخارطةِ الخراب، اذن لأكتفِ
بأنك (سلمان محمد جودة) ولتكتفِ تلك الأسماكُ بأنك عميدها الذي لن يتكرر