نشيد من يدري
شعر: القس جوزيف إيليا
بحيراتي إلى الصّحراءِ تجري
وفي الظّلماءِ يلمعُ وجهُ بدري
***
تعانقُني شفاهُ الغيمِ حُبًّا
وأزهارٌ ذوتْ تهفو لعطري
***
ويطلبُ صحبتيْ مَنْ شاءَ فهمًا
ويشربُ مَنْ تألّمَ كأسَ خمري
***
هزمتُ هزائميْ أطلقتُ جندي
ولمْ أقبلْ بتعليبي وأسري
***
ونافذتي أُفتِّحُها وأنسى
معاركَ لمْ أفُزْ فيها بنصرِ
***
أرتّبُ دفتريْ وبهِ أراني
أدوّنُ صرختيْ في كلِّ سطرِ
***
فإنّي قد كرهتُ خمولَ صوتي
وضقتُ بكلْمةٍ يبسِتْ بصدري
***
سأُطلقُها مزمجرةً تدوّي
لتوقظَ مَنْ غفا في قاعِ بئرِ
***
أيا مَنْ ماتَ قبلَ مماتِهِ قمْ
تدثّرْ بالحياةِ وطِرْ كنسرِ
***
وجوفُ القبرِ دعْهُ فارغًا لن
يرى ما يُشتهى مدفونُ قبرِ
***
إليكَ يديْ أقدّمُها فخذْها
محمَّلةً بأرغفتي وزهري
***
وهاتِ يدًا أصافحُها بحُبٍّ
وطيِّبْ ليْ بموسيقاكَ دهري
***
معًا سنُسمِّعُ الدّنيا نشيدًا
ونبني فوقَ صخرٍ كلَّ قصرِ
***
أنا ما عدتُ منكسرَ المرايا
يدُ الأوهامِ ترجمُني بجمرٍ
***
ويُخفي رملُ ما أخشى طريقي
وتسحقُ صخرةُ التّهميشِ ظَهري
***
نهضتُ ورحتُ مرتديًا ردائي
وها في كلِّ فَجٍّ سالَ نهري
***
زها علَمي ولمْ تُطفَأْ نجومي
ولا قلعتْ عواصفُ كرْمَ فكْري
***
وباقيةٌ حكاياتي لتُتلى
مرتَّلةً تُرادُ بكلِّ عصرِ
***
فإنّي لمْ ألوّثْ نبعَ غيري
ولمْ أبخلْ على أحدٍ بتبري
***
ولا هشّمتُ للأعمى عصاهُ
ولمْ أمسحْ عناوينًا لفجرِ
***
ولمْ أسكبْ سمومًا في كؤوسٍ
ولا صاحبتُ إنسانًا بمكرِ
***
وعشتُ مغرِّدًا أعطي غنائيْ
وأمنحُ مَنْ أتاني كنزَ شِعري
***
وما زلتُ العدوَّ لمن سيبقى
يربّي للأذى حيّاتِ غدرِ
***
ولن أرضى بتخصيبِ البلايا
ولن أرضى لمخلوقٍ بقهرِ
***
تعشّقتُ الحياةَ ولمْ أخُنْها
وفي سرٍّ عملتُ لها وجهرِ
***
بحيراتي ستنمو لن تُلاشى
وأجوائي بما يغري ستغري
***
كتبتُ وإنّني يومًا سأمضي
إلى المجهولِ بعدَ فناءِ عمري
***
ويبقى ما كتبتُ لأنّني في
جميعِ كتابتي قد كنتُ أدري