رمضان في ظل محاكم التفتيش الإسبانية.. معاناة أمة 

حنون ألبينو | تونس

انقلبت الأوضاع في الأندلس اثر سقوط أخر معاقلها الاسلامية “غرناطة “، و من هنا بدأت معاناة أهل الأندلس المسلمون، وبدأت القرارات المجحفة لمحاكم التفتيش الإسبانية في حقهم، فحرمتهم بداية من لغتهم ودينهم و أجبرتهم بعد ذلك على التنصر و التعميد قسرا ومحت أسمائهم العربية واستبدلتها بأسماء إسبانية، وجردتهم حتى من لباسهم العربي و عاداتهم وتقاليدهم و سلبتهم عروبتهم وهويتهم الإسلامية ونعتتهم بنعوت تحقيرية إمعانا في إذلالهم .

وعلى إثر هذا كله حُرم أهل الأندلس من صيام شهر رمضان، طبعا بقرار من الحكومة الإسبانية و كانت محاكم التفتيش في مثل هذا الشهر أو المناسبات الدينية الإسلامية الأخرى تشدد الرقابة على الأندلسيين والويل الويل لمن يكشف أمره و هو يمارس شعائر الإسلام ، و برغم هذا التشديد و المعاناة لم يستسلم الأندلسيين واثروا إلا مواصلة شعائرهم الدينية والمحافظة عليها، فكانوا في شهر رمضان يتجهون باكرا صوب الحقول والبساتين و هم صيام، حتى يكونون بعيدين عن أعين محاكم التفتيش و أيدي رجالها، و لا يعودون إلى ديارهم إلا بعد الغروب و قد افطروا في الحقول، وبهذا حاولوا قدر الإمكان أن يتمسكوا بدينهم الذي أورثوه إلى أحفاد الأحفاد سرا كما علموهم أيضا لغة أجدادهم وكانوا يطلقون على أبنائهم أسماء عربية سرا إلى جانب أسمائهم الأعجمية علنا لإرضاء محاكم التفتيش، وبرغم حذر الأندلسيين في هذا ، إلا أن أعين الوشاة و غدر الجيران الحاقدين، كانت كالمخبر للمحاكم وألقوا بذلك القبض على عدد لا يستهان به من الأندلسيين وساموهم سوء العذب و أحرقوهم و هم احياء جماعات وفرادى في ساحة باب الرملة بغرناطة ليكونوا عبرة لغيرهم من الكفرة والخارجين على دين الرب على حسب تعبير محاكم التفتيش، وبرغم كل ذاك العذاب والرقابة نجح مسلمو الأندلس في الحفاظ على دينهم إلى اليوم في شبه الجزيرة وأحفادهم اليوم يفخرون بمدى عظمة أجدادهم و قوة صمودهم و هذا دليل يفندوا قول الكثيرين ممن نعتوا أهل الأندلس أنهم أضاعوا دينهم، فالتاريخ يشهد أنهم عانوا في سبيل أن يبقى هذا الدين في شبه الجزيرة وأن تظل جذوره راسخة عميقا في تلك الأرض برغم الجبروت و التسلط و الظلم و كل أشكال القمع و التعذيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى