قراءة في رواية مدهامّتان للكاتبة الفلسطينية فاطمة محمد
- أليسار عمران| أديبة وناقدة سورية
في سفرٍ موغلٍ من آخر جذرٍ يمتدّ موغلاً ليكون مداه السماء، يسير نسغُ (حور) بطلة الملحمة النثرية الشيّقة ،تقدم لنا نفسها ،من هناك من نافذة حيفا،التي تتجرعُ فيها مرارة الفقد والغيرة على تراب الأمل الراسخِ في جينات القديسين الذين يتوالدون كالورد الأحمر، وبكلّ إرادةٍ وتصميمٍ، يعضّ السكان على مساحة الزمن القصير، ليتماهى شغفهم بعشقِ الحياة.
حور التي كان صراخ أمها مدويّاً حين ارتمت مصادفةً على أرض فلسطين، تحمل في جيناتها حقول الألغام ،تخبئها تحت قاعِ البحرِ، كتسونامي، يخلعُ جلد الماء، ويجعل الأعداء عاجزين عن تهجئةِ ماء وجوههم.
حور التي حملت جثتها قرباناً، وقفزت بين مدرعات الاحتلال كقائدٍ يحفر مقبرةً لجراحاتهِ، وينفضُ غبار الزّمن، وينظرُ نظرة النّسر إلى الأمام خلف عيونها الخضراء تجتمع كروم الزيتون، وبراءة البحرِ حين يثور غاضباً لايقذفُ إلا باللؤلؤ المكنون من عبراته الأنثى الممكنة من عمقها بثلاثيةٍ أبعاد مضيئة، تتوالى كعقد نجوم.
مع الكاتبة ستجد محمود العقاد يعود حاملاً ثورته وعناده وصلابته وعنفوانه، ككائنٍ مضيءٍ سلم رسالة المقاومة لحوريّة يعجز الرجال أن يتماهوا مع خصوبة فكرها وتمرّدها، أنثى تقلب تاريخ التراب، فيضحك التين والعنبُ وتتيمم البراري بابتسامة عاشقة فلسطين.
روائية فلسطينية واعدة،محبرةٌ غزيرةٌ وتجدّدٌ يجلدُ الجاهلين الذين يحتمون بالقمة، وتحتها حور تزلزلُ الجبالَ من قاعها لتعيد رسم البلاد على إيقاع قداسة روحها العالية.