حوار

حوار: الإعلامي والشاعر السوري جمال الجيش والأديبة أليسار عمران

دمشق | عالم الثقافة
 يرى الشاعر والإذاعي السوري جمال الجيش أننا في بلدنا أمام استحقاق ثقافي بامتياز، ولذلك نحن مدعوون إلى عملية مراجعة عميقة في مكوّنات ثقافتنا وبما يمكن أن ننتجه من ثقافاتنا المتوارثة، فنحن منطقة عبرت فيها كل الحضارات الإنسانية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن موضوع الثقافة لا ينفصل عن موضوع الهوية، فعندما نتحدّث عن تشظٍ ثقافي نتحدث عن إشكالية الهوية، وبالتالي فإن قضية الثقافة في مجتمعنا السوري بشكل خاص هي قضية شديدة الخطورة، لذلك نحتاج إلى تحصين ثقافي ويجب العمل فعلاً على شخصية ذات ملامح متمايزة ثقافياً لا تأخذها رياح ثقافات الآخرين في مهبها هنا وهناك، لأن ما حصل هو أننا في لحظة ما من هشاشتنا انقضَّت علينا عبر العولمة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة عوامل ترتبط بالتطور الطبيعي للتاريخ ساهمت بشكل أو بآخر في عملية تشكيل حالة من الهجوم الصارخ على ثقافاتنا، لذلك نحن الآن مطالبون بعملية تأصيل ثقافي مؤسّس على عدم الأخذ بكل ما هو من ماضي ثقافتنا واستنبات وتوليد ثقافات جديدة عبر إعادة القيمة للشخصية الإنسانية في بلداننا.. وهنا أضع بين أيديكم حوارا دار بيننا قصير ولكنه عميق الدلالات….
يقالُ أنّ كلّ إنسانٍ، يحملُ ذاكرة الطفلِ، في أعماقهِ حتى آخر يومٍ من عمره،حدثنا عن ذاك الطفل الشاعر وماذا يريد أن يقول للعالم ولو كان لديه عتب فعلى من يعتب!؟
     أجل كلّ إنسان يحمل ذاكرة الطفل في داخله، ولكن ليس الجميع يرعون ذلك الطفل في داخلهم ويسعدون به، بل ثمة من يقترفون جريمة اغتياله، يا لهم من قساة، أجمل الناس أغناهم بالطفولة، ولعل الشّعر على كلّ جموحه وتمرّده هو أكثر الكائنات اقتراناً بالطفولة، بل إنه توأمها الحقيقي، وهما يصرخان على الدوام، أيها العالم كن عالم الجميع!
الشاعر والإعلامي ،من وجهة نظري، أرى أنّ هناك تناقض بين الاسمين وأعتقد أن مهمّة الشاعر الإعلامي أصعب من مهمة الإعلامي لوحده والسؤال كيف تغلبتَ على سكون محيط الشاعر وضوضاء الإعلام معاً!؟
     أشكر الشعر لأنه علمني الصدق، وأشكر الإعلام لأنه منحني فرصة لم تتكرر وذلك بأن أكون إعلامياً على طريقتي الخاصة، وأن أبرّ بوعدٍ قطعته على نفسي، في بداية عملي الإعلامي، وهو أن أفكر بصوت مسموع، أن أفكر مع الآخرين، أن أكونهم وأن أجعلهم جزءا من كينونتي، لم يكن خطابي الإعلامي يوما إلا صدى لروحي وأوجاعهم وأحلامهم!
يُقالُ أنّ الانسان وخصوصا الشاعر،جوقةُ من نجومٍ أثروا بقلبهِ،ومجموعةٌ من البشر ربما السلبيون!
إيقاعهُ الداخلي يتماهى مع الجمال ،ويردّ على بشاعةِ هذا العالمِ ولكن بطريقتهِ السؤال بمن تأثرت إيجاباً وتعتبرهم كالنبع
وماذا تريد أن تهمس لأولئك السلبيين!؟
    أنا شديد الامتنان لكليهما، فالجميل يضفي علينا من جماله، وغير الجميل يمنحنا فرصة أن نتعلم توزيع الجمال على الوجود، لطالما شعرت بأن القلوب العظيمة، كلها تنهل من معين واحد ولطالما كان يراودني شعور واحد وانا أتعرف على الكتاب والمفكرين ،والشعزاء، والروائيين العظماء منذ مطالع يفاعتي أنهم أهلي، أقاربي، أصدقائي، أبناء جلدتي، بل أبناء روحي، المبدعون الحقيقيون وحدهم يجتازون عتبات الزمان والمكان ويتمردون على قوانين الفيزياء
       لقد قلتَ عبارة مهمة، أتعرّفُ على الكتّاب ،المفكرين ،الشعراء، نعم وحدهم الشعراء يعرفون أهلهم، السؤال في زمن التكتولوجيا، وظهور كتاب ،وشعراء، ومفكرين ظاهرة المحتوى والجذب، والتجمع، والشعبوية المفرطة في هذا الزمن المكتظّ بكل شيء، من يقيّم من من الكتاب والشعراء والمفكرين!؟ وهل هناك بحق نخبة تحنو على المبدع الحقيقي!؟ وتفرد الجمال على السطح لنؤمن بمن اختارتهم أعماقهم!؟
   لقد ولجت إلى التحدي الأخطر، الذي تواجهه الثقافة بكل ألوان تجلياتها الإبداعية وهو هذا الكم الهائل، الذي ينطلق على وسائل التواصل ،التي حولت العالم إلى شبكة مترابطة من البشر الراغبين باختبار مواهبهم، وهذا حقهم ،وليس بمقدور أحد حرمانهم من هذا الحق، ولكن في المقابل من حقنا أن نتساءل وبخشيةٍ كيف سيجد الإبداع الحقيقي طريقه إلى النور وسط هذا الزحام الهائل، أقلقني الأمر فترة ولكنني تذكرت بديهية النجوم في السماء، على أعدادها الفلكية إلا أن لكل منها بريقه وتوهجه وحجمه في السماء، المبدعون الحقيقيون يعرفون طريقهم إلى المجد، والحياة شديدة الفخر بأبنائها المشرقين، ولكن هذا لا يعني أن ليس من أهم أدوارنا تنمية ذائقة الجمال
سؤال أخير الحبّ الكبير كمفهوم.. كيف تشرحه للأطفال!؟ وكيف تشرحه كمفهوم للكبار!؟ وتلك الكلمة التي تشغل محركات البحث دائما..كيف تعرفها لنا؟
    الأطفال هم من يعرفون الحب الحقيقي، وما تفعله السنوات غالبا في حياة الإنسان هي من تجعله أقسى، بحجة رديئة وهي أن الحياة تحتاج إلى القسوة، هذه خديعة كبرى، الحياة لا تحتاج إلا إلى الحب، والأطفال لا يريدون منا أن نشرح لهم معنى الحب، بل أن نحبهم بشكلٍ صادق وحقيقي، وهم بارعون جداً باكتشاف درجة صدقنا، الحبّ هو علاج لكل أمراض العالم التي توشك أن تفتك فيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى