لو أخرجنا الزكاة
د. أحمد الطباخ | القاهرة
نظام الإسلام في إدارة الاقتصاد ليس له مثيل على الاطلاق في تاريخ هذه البشرية التائهة التي ضاع فيها الفقير، وصار لا حول له ولا قوة في هذا العالم الذي طغى فيه الإنسان وتكبر وتجبر ، ووصل الأمر إلى أن زاد الغني غنى، وزاد الفقير فقرا، ورأينا من يبيع شرفه من أجل المال، ومن يفرط في عرضه كذلك، ومن يقتل نفسه، ويضيع من يعول من أجل هذا الفقر الذي لو كان رجلا لقتلناه، وما كان كل ذلك إلا بسبب بعد الناس عن جوهر هذا الدين الذي جاء لتحقيق العدل والمساواة بين الناس.
إن تحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس جميعا هدف عظيم من أجل تحقيقه كانت الرسالات، ونزلت الكتب السماوية لكي لا يشقى الناس ويكابدوا، ويعانوا الأمرين بهذا التفاوت والخلل من ذلك الظلم والفساد وتفاوت الطبقات واختلال الموازين؛ حيث وجدنا طبقة تمتلك كل شيء، وأخرى لا تملك أي شيء، والله عز وجل قد وضع الأرض للأنام، فقسم الأرزاق، ووضع قانونا صارما في توزيع هذه الثروات بحيث لا تختل الموازين، ويحدث ذلك الخلل الاجتماعي الذي نراه اليوم من عدم قيام الأغنياء بإخراج زكاواتهم بما أمر الله تعالى، ولو أن الأغنياء قاموا بذلك ما وجدنا فقيرا .
لقد كان نظام الإسلام في تنظيم شؤون الحياة الاقتصادية عجيبا وفريدا، وليس له مثيل على الإطلاق في المحافظة على المال؛ ليكون من حلال ، ويتم صرفه في الحلال دون إسراف ولا تبذير، ولا تقتير ولا شح وبخل، وإنما فيما يعود على الجميع بالمنفعة والمصلحة، فالمال مال الله، وأنتم أيها الناس مستخلفون فيه عليكم أيها الأغنياء الانفاق على الفقراء من خلال تلك الفريضة التي هي من أركان هذا الدين للتكافل الاجتماعي، وإزالة كل مظاهر الأحقاد التي تتولد من اكتناز الأغنياء للمال ، وبخلهم على إخوانهم من الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافا، فيتعففون الناس.