محمد حسين | القاهرة
ذكرى تأتى ، وأخرى تذهب
اليوم يمر على قيامها 71 عاما
ذكرى ثورة 23 يوليو 1952 المجيدة
هذا الحدث العظيم والأهم فى تارخ مصر الحديث
الثورة التى غيرت فى شكل الحياة السياسة ولإجتماعية فى مصر ، بعد أن أعادت رسم خريطة الطبقات والشرائح الإجتماعية ، وغيرت من توازنات القوى فى الشرق الأوسط والعالم .
[ 1 ]
الحقيقة التى لا يستطيع أحدا إنكارها ؛
ان مصر لم تشهد حدثا سياسيا فى تاريخها
أثار كل هذا الجدل والخلاف بين مؤيد ومعارض
المثير ان حملات التشويه والتشكيك لاتتوقف ، وتعمل بطريقة ممنهجة على مدار الوقت والمناسبة .
حملات مشبوهة تعمل لحساب اجهزة وأنظمة ، وتضم أصحاب مشروع مقاومة < الحفاء > ، الذى كان منتشرا قبل < يوليو > .
تريد أن < تشطب > من ذاكرة المصريين تاريخا ، من العزة والكرامة والتحدى ، والقدرة على البناء والتنمية ، وتأكيد استقلال القرار الوطنى .
هذه الحملات المشبوهة تأتى بأثر عكسى
هى تنعش الذاكرة الجمعية بزمن مر من هنا
زمن حاضر لا يخفت وههجه
بدت فيه مصر فى كامل عنفوانها
قوية وصاحبة قرار تمليه عليها حقوق السيادة
قادرة على التحدى والمقاومة
دحرت العدوان الثلاثى عليه بعد عام 1956
لعقت جراحها بعد هزيمة 5 يونيو 1967
انتفضت وحاربت وانتصرت فى حرب أكتوبر 1973
تمعن الحملات المشبوهة فى شراستها وخستها ، كلما اكتشف أصحابها أن المصريين يزدادون تعلقا ب
< يوليو > و < جمالها وناصرها > ، وأن حنينهم إلى زمنها وما عملت من اجله من قيم ، يسكن وجدانهم وذاكرتهم ، ويستدعون هذا الزمن فى أوقاتهم العصيبة .
كان المشهد صادما ومدهشا فى 25 يناير 2011 ، عندما رفع شباب الثورة صور قائد ثورة يوليو < جمال عبد الناصر > فى الشوارع المياديين .
الدلالة كانت واضحة ؛
< يوليو > ستظل حاضرة ، وحبها يعبر الأجيال
حملات الهجوم لم ولن تنجح فى تشويهها ومحوها .
[ 2 ]
هناك فرق بين الهجوم والإنتقاد
بين الأكاذيب والحقائق
كما كانت إنجازات < يوليو > عظيمة
كانت أيضا إخفاقاتها فادحة
إلا أنها – الثورة – فى كل أحوالها كانت ضرورة ؛
فقد جاءت لأول مرة فى تاريخ مصر ، منذ قدماء المصريين ، بحاكم من أبناء شعبها .
حررت مصر من الاستعمار ، بخروج آخر جندى < بريطانى > منها عام 1956.
إستردت < قناة السويس > التى كانت دولة داخل الدولة ، يديرها الاجانب لمصالحهم .
لقد كان فضل < يوليو > عظيما
لايضيرها إتهاما بأنها كانت < إنقلابا عسكريا > ، لم يشارك فيه الشعب
الجيوش الوطنية دائما ماتعبر وتلبى تطلعات الشعوب ، وأشواقها إلى التحرر والاستقلال والكرامة.
لقد أصبح < الإنقلاب > ثورة كبرى ، بما أحدثته من تغيير جذرى فى بنية المجتمع المصرى .
[ 3 ]
احد الاصدقاء فى حوار لنا تطرق إلى < يوليو >
أخذ يهاجمها ويمدح فى عصر الملكية
قلت له : الثورة حققت استقلال مصر ، واعادت < قناة السويس > ، وسعت بكل جدية إلى تحقيق العدالة الإجتماعية .
رد فى نبرة سخرية : الملك < فاروق > كان سيطرد الإنجليز ، والقناة كانت ستعود إلينا بعد إنتهاء عقد إمتيازها ، أما العدالة فهى وهم كبير !!.
قلت له : لماذا لا تتذكر أن الملك لم يكن حاكما فعليا لمصر ، ثم من أخبرك أن القناة كانت ستعود لنا بدون تأميم ، ومنذ متى يتنازل المستعمر طواعية ، عن مايسيطر عليه ويبيض له ذهبا ، أما العدالة التى تراها وهما تسطيع أن تسأل عنها بقايا الطبقة الوسطى والعمال والفلاحين .
[ 4 ]
ماالذى تبقى من < يوليو > ؟
احسب أن قيمها هى الباقية
قيم لاتبلى ، ولاغنى عنها ، ولاتفقد فعاليتها أبدا
أول هذه القيم هو إستقلال القرار الوطنى
الثانية ، هى تحقيق العدالة الإجتماعية ، تلك القيمة التى تظل حلم وامل الشعوب الفقيرة .
الثالثة ، هو قيمة الإعتماد على الذات فى عملية البناء والتنمية ، فالقروض والديون لايصنعان تنمية .
قيم جوهرية يجب تأكيدها دائما .
[ 5 ]
هناك أثرا عظيما لثورة < يوليو > لايحظى بأهتمام
هو ترسيخ شعور الإنتماء الوطنى عند المصريين
الثورة بمعاركها وتحدياتها وإنجازاتها وإنحيازها للفقراء وأناشيدها ، عمقت فى الشخصية المصرية حبا جارفا للوطن ، ولا أتجاوز الحقيقة عندما أقول أنه عشقا لامثيل له فى اى مكان آخر .
عشق يكشف عن نفسه فى قوة الإحتمال والصبر ، و مواجة الأخطار والتحديات ، والتضحية بالروح فداء للوطن .
ألم أقل لكم ؛
لقد كان فضل < يوليو > عظيما .
♡ فى الختام .. يقول محمد الماغوط :
< أنادى عليك أبا خالد
وأعرف أنى أناد بواد
وأعرف أنك لن تستجيب
وأن الخوارق ليست تعاد > .
