طفل جزائري والوفاء لفلسطين
الدّكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام – القرارة – الجزائر
عبد الخالق طفل جزائري فاز بجائزة حفظ القرآن الكريم في الجزائر، حضر حفل تكريمه وتسلّم جائزته.. طُلِبَ منه أن يُلقىَ كلمة قبل أخذه هذه الجائزة، فنطق خيرا، وقال عظيما، وباح بمشاعر جيّاشة حول القضيّة الفلسطينيّة التي سكنت قلبه، وفاه بعواطف نبيلة نحو الفلسطينيّين المقاومين البواسل من أجل تحرير فلسطين من قيضة الصّهاينة الجبناء.
بعد أن شكر معلّميه ومَنْ أعانه على حفظ كتاب الله العزيز، ودعا لهم بالخير. توجّه بكلمة بليغة حماسيّة صادقة للفلسطينيّين عامّة، ولأطفال فلسطين خاصّة. حيّا بها نضال الفلسطينيّين، وعبّر للشّعب الفلسطيني بكلّ حماسةِقلب، وقوّة صوت، وثقة في النّفس.. عن حبّه لهم. ثمّ رجا من شيخه أن يغطّي جسمه بالعَلَم الفلسطني، رمز الكرامة والشّهامة والمروءة والمقاومة، وهو يوجّه تحيّته له بكّل فخر واعتزاز. وَمَنْ حضر في الحفل كان متفاعلا معه، متناغما مع عواطفه، ومنسجما مع كلماته. ثمّ وجّه كلامه لأحد المسؤولين الذين كانوا على رأس قافلة مساعدات جزائريّة إلى غزّة قبل سنوات عدّة، وقال له: لِـي عند طلب منك، أرجو أن لا تردّه، قال هذا الرّجل الفاضل: ما هو طلبك يا بنيّ العزيز؟ أجاب الطّفل الصّغير في سنّه وحجمه، الكبير في فكره ومشاعره ومروءته وشهامته..: أطلب منك أن توصل هذه الأمانة إلى أطفال فلسطين، قال له: ما هي هذه الأمانة؟ ردّ الطّفل بصوت جهوري مؤثّر: هذه المنحة الماليّة التي أُعْطِيَتْ لي، أريد أن تبلّغها أطفالَ فلسطين، هم في أمسّ الحاجة إليها منّي. قال له يا بنيّ: هي مبلغ أربعمائة ألف دينار جزائري (400000دج)، تحتاجها أنت. قال الولد البار الأبيّ الشّهم: أطفال فلسطين أولى بها منّي، قال له الرّجل: قد تحتاجها في مستقبلك، تقتني بها هاتفًا، تشتري بها..وتشتري.. قال الطّفل البطل الغيور: أطفال فلسطين يحتاجونها أكثر، هم مشرّدون، هم مضايقون، هم فقراء، هم مضطهدون.. وما في معناه.
ثمّ وجّه خطابه لأ طفال فلسطين: قال لهم لا تخافوا نحن معكم، إن شاء الله ستتحرّر فلسطين ونصلّي معا في المسجد الأقصى. (كتبتُ مقالا من عدّة صفحات قبل أكثر من عشر سنوات، عنوانه: ” رسالة الطّفل الفلسطيني إلى الطّفل المسلم”)
إنّ ما نطق به الطّفل الصّغير هو شعور كلّ الجزائيّين الصّادق الفيّاض، الذي لا ينطفئ ولا يخبو نحو القضيّة الفلسطينيّة، إنّه الحبّ الذي ينشأ مع الطّفل الجزائري منذ الصّغر وينمو معه مع نموّ حياته، إنّه الإيمان الخالص بعدالة القضيّة، والثّقة الكاملة في الله أن ينصرها، ويحرّر فلسطين والقدس والأقصى من المحتلّين المعتدين، ومن الخونة الجبناء المطبّعين المنبطحين..
هو حبّ عارم يسكن كلّ قلب، ويقبع داخل كلّ نفس، ويعيش مع كلّ جزائري في كلّ لحظات حياته، لن يفارقه حتّى النّصر النّهائي على العدوّ الصّهيوني والمتصهينين، وعلى الأغبياء والأغرار والسّذّج والمغرورين الذين يستنجدون بالصّهاينة للظّفر بالعيش الهنيّ، والوضع السّويّ، وعلى من يخافونهم بالتّقوّي..
نسي هؤلاء الأنذال والأوباش أنّ الغدر سمة متجذّرة في نفوس الصّهاينة، وأنّ نقض العهود صفة لازمة لليهود؛ بشهادة القرآن، ورَسْمِ التّاريخ عبر العصور. وسيرورة الحياة من القديم إلى اليوم والغد..عرفوا في تاريخ البشريّة بالمفسدين في الأرض، مع كلّ الأقوام الذين تعاملوا معهم..متى تخلّي اليهود الصّهاينة عن خسّة: ” الأخذ من دون العطاء”.
شكرا لك أيّها الطّفل البطل، سقيا لك أيّها الولد الشّبل، الذي هو من أسود الجزائر الأقويّاء الأشدّاء في الحقّ، الأبطال في استرجاع الحقوق المسلوبة، بأيّ ثمن، ومهما يطل الزّمن، طوبى لك المقام الرّفيع في الإباء في دار الفناء، والمنزلة الرّفيعة في دار البقاء ويوم الجزاء.
موقفك الشّهم يطمئننا أنّ في الأمّة الإسلاميّة خيرًا، وأنّ أرض الجزائر هي نقطة الانطلاق في التّحرّر من الذّلّ والهوان، والانعتاق من التّسوّل والتّسيّب والتّفريط في الحقوق، والمضيّ قُدُمًا نحو دحض الباطل، وقهر الماكر، وكسر شوكة المتغطرس. وقد فعلت وتفعل إن شاء الله. وما ذلك على الله بعزيز، وما ذلك على الأبطال البواسل المخلصين ببعيد.
مقال رائع يبرز مكانة فلسطين في نفوس الناشئة بأرض البطولات الجزائر
ارجو تفادي الصور الاشهارية التي لا تخدم هذا الموقع