شعر: فتحي مهذب | تونس
يا للحظ السيء!
قبل أن يأتي الربيع
وتشتعل الربوة بالذهب
قبل أن تحمل اللقالق
بريده إلى الله
وترميه الغيوم بالفواكه والدراهم
يموت (حسن)
في حجرة ضيقة مختنقا الأسئلة الحرجة
حتى الملائكة فرت مذعورة
من ثقابة عينيه المسمرتين
نحو الأعلى
من أجنحة صلواته المحترقة
من ديدانه القرمة
عاش وحيدا
يشبه أحد الكلاب السائبة
في شمال إفريقيا
يفكر كثيرا في أسرار الحياة والموت..
هبوب المومسات آخر الليل..
زئير نهودهن البضة..
طقطقة كعوبهن
على أديم عظام الأسلاف..
(حسن) يحب الحياة
شطائر البطاطس والهامبرقر
عجيزة جارته الراهبة
نواقيس الكنيسة العذبة
أيقونة العذراء
النور الذي يزرب من دم المسيح
الذين يمشون على أطراف هواجسهم
الحدائق المكتظة بالعميان والمجوس
متناقضاته التي تعوي تحت الشرشف.
(حسن) آخر من يودع الحانة في الليل
ممتلئا بسم الشوكران
بقناديل الدموع والنوستالجيا
يلاحقه تنين الفراغ القاتل
متطوحا مثل سفينة عذراء
في عرض البحر
شاتما مؤخرة العالم الزنخة
غير آبه بعواء ذئاب الموت
ساخرا من لا شيئية الأشياء
من الأشباح التي تعض شحمة أذنيه
من صفير عظام كتفيه.
(حسن) الذي يشيع الأموات
مثل قس من القرون الوسطى
يرتاد المقابر حافيا
يقفز مثل كنغر
يتقرى شواهد القبور
محمولا على أكف النعاس
مطوقا بغربان الشك وفراشات اليقين.
فعلا يموت (حسن) الجميل
يموت جائعا مريضا مقرفصا
مثل ملاك في دهليز
(حسن) الذي قاوم عاصفة اللامعنى
(حسن) الذي يحبه المارة النائمون
السحرة والمجانين
صانعو قنابل السخرية
المصطافون في براري الأسئلة
منظرو الحروب الباردة
والذاهبون إلى الوراء
بسلال مثقوبة.