الساعة البيولوجية بين الشرق والغرب.. هل تختلف أم هي واحدة؟ (4)
د. محمد حسن جعفر | مصر
في الحقيقة العلمية فإن الساعة البيولوجية تختلف كل الاختلاف بين الشرق والغرب يوجد، ويوجد تباين شديد من حيث الوحدة والمنظور ككل.
فقديم الشرق جديد الغرب؛ حيث ينظر الطب الصيني إلى الأعضاء خلال اليوم وعلى مدار الـ 24 ساعة؛ ويتم تحديد الأعضاء من حيث النشاط والحركة والسكون والطاقة ويكون لها ساعة بيولوجية وتساعد الساعة البيولوجية في معرفة متى نمارس التمارين ومتى نتناول الطعام، ومتي ننام ونرتاح؟
ويستخدم الطب الصيني هذه الساعة لمساعدته علي تحديد العضو المسؤول عن المرض إذا وجدت نفسك تستيقظ بين الساعة الخامسة والسادسة صباحا يوميا قد يكون هناك مشكلة في التنفس وقد يشير الاستيقاظ من الواحدة إلى الثالثة صباحا إلى وجود مشاكل في الكبد.
وفي ساعات الصباح، والنشاط العقلي، وهو وقت الأمعاء الغليظة أي الوقت المثالي لحركة الأمعاء وإزالة السموم المتراكمة من اليوم السابق وهو أيضا الوقت المثالي لغسل الجسم وتمشيط الشعر، بينما يكون الوقت من الساعة السابعة إلى التاسعة صباحا هو وقت المعدة لذا من المهم تناول أكبر وجبة في اليوم في هذا الوقت لتحسين عملية الهضم والامتصاص
في حين أن الوقت من التاسعة صباحا إلى الحادية عشرة هو وقت البنكرياس والطحال حيث يتم إطلاق الانزيمات للمساعدة في هضم الطعام وإطلاق الطاقة لليوم المقبل وهذا الوقت المثالي للتمارين والعمل.
بينما في ساعات الظهيرة وهو وقت الغداء، ثم ممارسة الرياضة، وهو وقت القلب الذي سيعمل علي ضخ المغذيات في جميع أنحاء الجسم للمساعدة في تزويدك بالطاقة والتغذية وهو أيضا وقت جيد لتناول الغذاء. بينما الوقت من الواحدة إلى الثالثة ظهرا فهو وقت الأمعاء الدقيقة وهو الوقت الذي تتم فيه عملية الهضم والامتصاص للطعام الذي تم تناوله في وقت سابق.
في حين يكون وقت المساء للدراسة والعمل، فمن الثالثة إلى الخامسة عصرا يكون وقت المثانة حيث تتحرك المخلفات الأيضية في جهاز تقنية الكلى وهذا هو الوقت المثالي للدراسة وإكمال العمل الذي يتطلب التفكير
وفي توقيت الخامسة إلى السابعة ليلا تبدأ الكلى وتنقية الدم فتعمل الكلى علي الحفاظ علي التوازن الكيميائي الصحيح وهذا هو الوقت المثالي لتنشيط الدورة الدموية عن طريق المشي أو التدليك.
بينما ساعات الليل والراحة فمن السابعة إلى التاسعة ليلا وهو وقت الأوعية الدموية حيث تتم عملية نقل العناصر الغذائية إلى الشعيرات الدموية داخل كل خلية، وهو الوقت المثالي للقراءة.
بينما التاسعة إلى الحادية عشرة ليلا هو الوقت المثالي لعمل جهاز الغدد الصماء حيث يتم ضبط توازن الجسم وإفراز الإنزيمات ومن المستحسن النوم في هذا الوقت حتي يتمكن الجسم من الحفاظ علي الطاقة لليوم التالي.
بينما من الحادية عشرة ليلا إلى الساعة الواحدة صباحا هو الوقت المناسب لعمل المرارة والاستعداد للاستيقاظ في حالة نشاط وحيوية.
ووفقا للطب الصيني تبدأ طاقة النور في النمو حيث تساعد على الحفاظ علي النشاط خلال اليوم ومن الواحدة إلى الثالثة صباحا وهو الوقت الذي يكون فيه الجسم مستغرقا في النوم يتم إطلاق السموم من الجسم وتتم عملية إنتاج دم جديد ونقي.
ومن الساعة الثالثة إلى الخامسة صباحا هو وقت الرئتين وهذا هو الوقت أيضا الذي يجب أن يكون فيه الجسم نائما فإذا استيقظت في هذا الوقت يُنصح بممارسة تمارين مهدئة للأعصاب مثل تمارين التنفس ويجب أن يبقى الجسم دافئا في هذا الوقت لمساعدة الرئتين علي إمداد الجسم بالأكسجين.
بينما في الطب الغربي تختلف أيضا وظائف الجسم ما بين الليل والنهار وإن كل خلية من خلايا الجسم لها ساعة بيولوجية لتنسجم الخلية مع وظيفة الإنسان بالنهار والتي تختلف عن وظيفته بالليل.
فما هي حكاية هذه الساعة البيولوجية من المنظور الغربي؟
إنّ دقة المنظور الغربي للخلية والنواه والشريط الوراثي والمعرفة بتفاصيل الجينات التي تنتج بروتينات فقد تمكَّن علماء الطب الغربي في أن يتحكموا في تنظيم الساعة البيولوجية وتصنيع أدوية يمكنها أن تؤدي المهمة نفسها كما يمكن من خلال ذلك إيجاد علاج للكثير من الأمراض التي تصيب الإنسان نتيجة خلل في أداء الساعة البيولوجية مثل: (الأرق /اضطراب النوم /الاكتئاب الموسمي/ الشيخوخة) وغيرها من الأمراض التي تؤرق الإنسان.
ولقد تمكن العلماء من رصد مكان الساعة البيولوجية في جسم الإنسان بعد اكتشاف مجموعة من الخلايا العصبية تقع في النهار التحتي وسط المخ تعرف بالنواة فوق التصالبية . Suprachiasmatic nucleus
ويبدو أن هذه النواة هي مركز التحكم في الإيقاع اليومي وتتكون هذه النواة من جزأين؛ جزء يوجد في النصف الأيمن من المخ، والجزء الثاني في النصف الأيسر وكل جزء يتكون من 10 آلاف خلية عصبية ملتصقة بعضها ببعض وتقوم علي تنظيم الجداول الزمنية والتنسيق مع بقية الخلايا للوصول إلى ما يجب أن تكون عليه أنشطة الجسم علي مدار اليوم.
وتوجد هذه النواة فوق نقطة التقاء العصبين البصريين في قاع الجمجمة حيث إن عمل هذه النواة يرتبط بالضوء الذي يعمل على خلق التزمن بين الساعة الداخلية ودورات النور، وتتجلي عظمة الخالق سبحانه وتعالى في أن خلق لكل خلية وظيفة تتناسب مع الليل والنهار، كما جاء في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا 0 وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا 0 وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)[سورة النبأ – الآيتان: 9/10]