تأخرت السحابة  

مازن دويكات | فلسطين‏

تأخرت السحابةُ عن حقولي

كان يلزمها صواعق من دمي

ونشيدَ إنشادٍ

 لتبدأ بالهطول ِ

تأخرت السحابةُ، حقلَ رمان ٍ

ومزرعةً من الدرّاق ِ

في الجسدِ البتول ِ

أيها الماءُ المقدسُ

يا صلاة الأقحوان على غصوني

يا حليب فمي الصباحي،

تقحمْ نشوتي

 وخذْ المدنسَ منْ سيولي

غافلي سربَ الظباء

 بسفح ِ روحي

يا سحابةُ، أرهقتْ قطني جروحي      

بللي قممي

 وصبّي ضوءَ عشبكِ في سفوحي

ربما ستكفّ أحصنةُ الحنين ِ

عن الصهيل ِ

برقُكِ الملتاعُ

يومضُ في عروقي

رعدُكِ المجنونُ

 يهدرُ في وريدي

منْ سواي منصةً للسيل ِ

تصوْبه

على هضباتكِ الخضراء في الليل ِ

فتنتفضُ السنابُل في سهولي

منْ يرتبُ صوتكِ    المغموس بالعسل ِ

ويسكبهُ نبيذاً في أباريقي

سأعرفُ عندما يجتاحني ثملي

بأن سحابتي

ستحيدُ يوماً عن طريقي

منْ سيحملني إليكِ، وهلْ نعودُ؟ نعمْ

إذا كفُّ الحمامُ عن الهديل ِ

القبابُ البيض ِ تكرهه

ويكرهه القرنفلُ

والمغني والكمنجةُ، شهقةُ النايات

تكرهه

وتعشقه الثعالبُ كلما نهونده الحاني

تبدّلَ بالعويل ِ

واليمامةُ فوقَ أشجاري تنامُ

ولا تفيقُ، ولا يرفُ جناحها

لنسيم بستاني

ولا تهفو لنقرَ دمي المخبّأ

في براعم زهرة الرمّان ِ

كمْ شاخَ الغيابُ، ولا إياب إليَّ

عدْ يا أيها الوجهُ الطفولي

عدْ أليًّ ، تعودُ قامتها

بأجنحةِ الملائكةِ الصغار ِ

والندى جرسٌ يرنُّ بقوسها المنحوتِ

من نارٍ ونورٍ وانتظار ِ

وعدْ، فعودكَ عودها

منْ يغسلُ الشرفات منْ روثِ الطيور ِ

مريضةٌ هذي الرفوف، وكلما درجتْ

بأرض حديقتي، تبكي

ويمرضُ وردُها، يا وحدها

فوقَ قارعةِ الذبول ِ!

ذابلٌ شجرُ المسرةِ

ذابلٌ قمرُ المجرةِ

يا سحابةُ لا تمري من سمائي الذابلةْ

إلا إذا هارونُ جاءْ

وابتعدْ عني يا شتائي ابتعدْ

إلا إذا هارونُ جاءْ

ماذا تبقّى للنضوجْ

وهنا الدخولُ هو الخروجْ

فلتكفي الآن عنْ شجري

وعنْ ثمري، سلالي فارغةْ

وأنا الذي

 عصرَ السحابةَ في الفصول ِ

لا تمري يا سحابةُ، واسكني أعلى المدارْ

ولا تهري دمعك ِ المكبوتَ

فانتظري قليلاً كيْ يعود الجلنارْ

وينتمي رفُّ الحمام ِ لشجرةِ التوت ِ

سلامٌ أخرسٌ وأصمْ

سلامٌ من دمار ٍوالدمارُ هو السلامُ

إذا أتي من وردةِ الدمْ

والسلام ُ على السلام ِ إذا استتبْ

بينَ الثعالب في الكروم ِ

وبينَ عنقود العنبْ

فلتسكروا يا سادتي ودعوا لنا

عنب الخليلِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى