حكايات المساء

د. السيد الزرقاني | مصر

-حين همت بالدخول إلي حجرتها، تذكرت تلك الرسائل التي كانت تأتيها ليلا وتهملها، بإصرار، راحت تبحث في أرشيفها الورقي عن رائحة أنفاسه في تلك الرسائل الورقية التي طالما احتفظت بها منذ أن كانت طالبة مراهقة، وانتقلت معها إلي بيت زوجها الذي لم تشعر معه بالحب وأحست بأنه قتل بداخلها كل بذور الأمل في أن تكون شيء له قيمة، منذ تزوجت تحولت الي مجرد مفرخة تلد المرة تلو الاخري ثم تمضي إلي حيث يمضي كل رضيع، كثير كانت تدس تلك الورقات البالية التي استهلكت من جراء الثني والفرد عبر السنين، وكثيرا ما كانت تخفيها في حمالة الصدر كل صباح كأنها حجاب لها من الأرق اليومي المنهك تحت إقدام الصغار، كانت تتلوا تلك الحروف لها لها ربما يخفف ذلك من قسوة الرياح العاتية او حرقة الذكريات، كانت تلك الدمعات تصرخ كل صباح تريد ان تتحرر من قيود تلك الوثيقة التي حررها مأذون مأجور، تلك الورقة كان عنوان لسجن كبير، للأحلام، في الصالة كان الهاتف يرن، وكانت طفلتها تلهوا به وتبتسم حين تمر أمها من الخلف تارة والإمام تارة أخري، للمرة الأولي تجري نحو الهاتف، تلتقته انه رفم غريب، كان الصوت ناعما رقيق، نسمة في صحاريها الجرداء ونيلا في زمن الجفاف، أعاد لها حلما كان قد وقع ذات مساء علي أعتاب مدينتها الصامتة، لم تخبر الروح يوما أنها فقدت عزيز لديها؟؟

كانت تهرب من كل الأماكن التي تذكرها بذلك الحلم التائه بين الكاف والنون، لونت أبواب الروح، بألوان لا تعرف ما هي إلا أنها كانت تنتظر المكالمة الاخري التي ستسمع فيها صوته، سألته لو كنت مخنوقا ماذا ستفعل؟؟

 قال لها بصوت لم تلمسه من قبل :- أولا انأ الحمد لله لحظات السعادة كتير في حياتي وفي اللحظات التي اشعر فيها باني مخنوق كان زمان لحد فترة قريبة كنت اذهب فورا إلي أمي رحمها الله وأنام علي رجلها وأفضفض معها بكل شيء فكانت هي بئر إسراري والوحيدة التي احكي لها عن التفاصيل التي لا يمكن ان احكيها لأحد والوحيدة التي كانت تعطي لي الأمل والبسمة في الحياة ورحلت وهي بين يدي وتدعوا لي ويومها فقدت الصدر الحنون وألان ربما عوضني ربي بإنسانه يمكن أن احكي لها بدون خجل عن وجعي وألمي ربما لأني شعرت بالراحة النفسية لمجرد التحدث إليها ، سبحان الله أرسلها الله في طريقي بدون سابق إنذار فهي ليست بقريبتي ولا جارة لي ولا زميلة هي إنسانة ظهرت بشكل ما في حياتي فقط كلما نظرت في عينيها شعرت بالراحة النفسية وكلما سمعت صوتها نبض قلبي إليها شوقا ربما هي لا تدري معزتها عندي ولكني اعتقد أنها تشعر بها!!!

-لم تتمالك  نفسها وهي تسمع تلك الاجابه وزادت دقات قلبها وتمنت أن تدقق النظر فيما بين حاجبيه وبادرته بسؤال ما هي أصعب اللحظات في حيات فقال لها بصوت مسته نسائم الحزن فقال

– أصعب لحظة شعرت فيها بالألم حين يأتيك الوجع من اقرب الناس ليك الذي يفترض انه سند ليك ….. أصعب لحظة كانت حين رجعت ذات مساء فوجدت أوراق رسالة الماجستير التي كنت أعدها ممزقة وفي سلة القمامة ؟؟ كانت من أصعب اللحظات وكانت هناك لحظة فاصلة في حياتي ولكن ، كان الأولاد نقطة ضعفي في تلك اللحظة فاخترت توفير الأمن لبناتي عن أي شيء يؤلمني وتجرعت الألم وحدي دون أن يشعر بي احد وغيرت أسلوب حياتي من اجل تحقيق حلمي بعيدا عن من يحاول هدمي وشدي للوراء ويرفض إي نجاح لي أو تقدم لي!!

فلم أجد في الدنيا إلا أبي وأمي هم اخلص الناس لي في تلك الحياة ، فاتخذت منهما حصن لي في كل الأزمات التي مرت في حياتي وبعد رحيلهما أحسست بأني بالفعل فقدت الصدر الحنون والسند ، حتي ظهرت إنسانة بحياتي بلا اي مقدمات أحسست بأنها يمكن أن تعوضني بعض ما فقدت من الحنان رغم أنها تحتاج مني أكثر مما انأ محتاج

-تمنت في تلك اللحظة ان تعانقه ربما لما لمسته من صدق فيما فاض به من مشاعر لا إرادية،ونقاط فاصلة في مسيرته وهمت ان تلاحقه بسؤال أخر يمد الحوار بينهما….فماذا قالت؟؟

نتابع…

الجزء التالي… من حكايات المساء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى