تاريخ

استيعابية التعليم واغتيال اللغة العربية

 د. نجاة صادق الجشعمي |العرق – مصر

هل يمكن أن نفصل أجسادنا ونمزق جلودنا ونغتال ذواتنا فتضيع هويتنا. فإنه ليس من باب التعصب البارقي أو الكارتيري من حيث صياغات وغعجاز اللغة العربية لغة الضاد التي لاتلفظ (حرف الضاد) فغالبية الدول العربية تحوله إلى (زاي) ناهيك عن الضمائر واستخدامها المؤنث للمذكر والمذكر للمؤنث، كأنما هؤلاء أشخاص ليسوا عربا، بل نتحدث عن أشخاص لاينتمون غلى ماننتمي إليه نحن. والسبب في كل ماحدث للغة العربية راجع لهجرة العديد من أبناء الوطن العربي إلى مختلف الدول وتعدد لغاتها ولهجاتها وأيضا راجع إلى الترجمه التي تصاغ وتنحت كلوحة فنية لاوجود لها باللغات الأجنبية. وللأسف بعض الأمهات اللواتي انعوج لسانها وأصبحت معاقة لغويا بدّلت مفردات وكلمات بل بدّلت جملا وأخذت تمارسها في كلامها مع أسرتها في البيت اعتقادا منها أن هذه ثقافة وجمالية وتطور لكن للأسف سوف سيكون هذا سببا في اعتلال لغتها؛ فهناك فرق كبير بين الأبيض والأسود وبين الخشب والرماد وبين الذهب والنحاس وبين البلاغة وجمالها في اللغة العربية فكثير من اللغات مهزوزه وتفتقر من المصادر والأضداد والجموع والأفعال والضمائر سواء ظاهرة أو مستترة وعمق التعبير الدقيق والوصف والصفات والموصوف وظروف المكان والزمان وحروف الجر وأدوات النصب والجزم وحروف المد المعتلة والصحيحة والمصادر واسماء الفاعل والمفاعيل والمفعولات كل هذا التنوع الصياغي في اللغة العربية أضاف إعجازا وجمالية لفظية وبلاغة للمعنى.

فهذه اللغة الهجينة من العربية واللغات الأوروبية التي يعتقد كثيرون أنها راقية حيث إنها تمزج مابين الفصحى المتعالية ولغة الأسرة لغة الأم الرفيعة التي قد تقسم إلى اللغة الدارجة الغنية بحروف وكلمات متشابكة في الملامح الصوتية مابين الكلمات السوقية أي اللغة المبتذله وتختلف ايضا من بلد إلى آخر من بلاد الوطن العربي… هنا لابد لنا الغوص في الأسباب فيحق لنا السؤال من المسؤول عن هذا التطفل على بلاغة وجمال لغتنا العربية؟

لاشك هناك أسباب كثيرة ومتعددة النوايا والمزايا
أولا- الأسباب الاستعمار بكافة أنواعه العسكري والاقتصادي والاستيطاني وبث ثقافاته عبر وسائل الإعلام هذا بالإضافة إلى التماس المباشر للشباب العربي مع وسائل التواصل الاجتماعي الذي أدى إلى الاطلاع على الواقع العالمي من حيث السياسة والحريات والتعبير عن الذوات والتطور والازدهار في كافة المجالات مما أدى بالشباب المقارنة بين واقع السلطات والقيادات الحاكمة وتسلطها من حيث سياسة القمع وانتهاك حقوق المواطن العربي والإسلامي والفساد وعسكرة النظام والاقتصاد والاستبداد. كل هذه التراكمات أدت إلى التمرد والانحلال والانجراف نحو التقليد الأعمى والتأثر رغم تواجد القيم والسلوكيات المجتمعية الأصيلة؛ لكن رغم كل هذا تأثرت اللغة العربية وغزتها الكلمات والمصطلحات وبعضها من الموروث اللغوي للحضارات السومرية والأكديه والبابلية وبعضها من جراء الحروب والسيطرة الاستعمارية على الوطن العربي بصورة عامة ومن هذه الكلمات على سبيل المثال لا الحصر هي..باص: (انكليزية)معناها عجلة..حافلة، وكلمة وبانيو.( يونانية وإيطاليا) المغطس المنزلي، وبردة (فارسية) تعني ستارة توضع على النوافذ، وبوتين (تركية) تعني حذاء رياضي، وبقلاوة (فارسية) المطبقة الجوزية أم الجوز وهي نوع من الحلويات، وجارة (فارسية ويقال تركية) وتعني شوف لي حل، وتيزاب (فارسية) ويعني حامض الكبريت، وتبسي (فارسية) وهو الإناء الذي نضع فيه الخليط من والبصل والطماطة والبطاطا والباذنجان ويسمى تبسي الباذنجان، ونزاكة (فارسية) تعني النظافة والجمال ولطف ورقة، وطربكه (فارسية) سرعة. عجله، وزقنبوت(زقوم) طعام أهل جهنم وهى كلمة فارسية، وشخاط(فارسية) تعني الكبريت أو الثقاب، وشفقة (فرنسية) تعني القبعة، وفاتورة(إيطالية) وتعني القائمة أي إيصال الحساب، وقاصة (ألمانية) خزنة حديد محصنة للنقود والوثائق. أما الكلمات السورية فمنها كلمة (مو) باللهجة العراقية، فلم يسأل أحد من أين اتت كلمة (مو) هذه.. مو هي في الحقيقة من بقايا التراث اللغوي السومري وهي أداة الجملة الفعلية السومرية إذ لايمكن لجملة سومرية أن تتكون فيها. اختفت السومرية وبقيت منها فقط. (مو). لكن لها سبعة استخدامات مختلفة لحد الآن تستخدم في العراق وهي.. (مو النافية) بمعنى ليس مثل (مو اني)، و(مو الناهية) بمعنى لا مثل (مو تروح) أي لاتذهب. (مو الاستفهامية) وبمعني أليس كذلك؟ (مو بالله)؟ (مو السببية) بمعنى لأن، (مو الظرفية) بمعنى عندما، (مو تنزل للسوق، اشتريها بدربك)، (مو التوبيخية) مثل (مو كتلك جم مرة لاتروح يمهم)… لقد حذرتك، و(مو التحذيرية) :مو كتلك نزيزة الكاع وغيوم الصيف جذابه ولا تمطر…أكو ماكو او (شكو ماكو) وهي سمة اللهجة العراقية فيعرف العراقي من شكو ماكو عندما يتحدث باللهجة العراقية فإنه يلجأ إلى استخدام (أكو… ماكو) أو شكو ماكو وتعني موجودة أو غير موجود، أو متوفر وغير متوفر، وتستخدم للسؤال عن أحوال الشخص، وما هو الجديد في حياته وهناك العديد العديد من الكلمات المورثة من الحضارات التي تلاشت وظل موروثها اللغوي مثل (كش) أصلها سومري تعني اهرب أو انصرف وغالبا ماتستخدمها المرأة العراقية لطرد الشر والتخلص من الشؤم؛ لكن هل تعلم عزيزي القارى (كش) فعل أمر.. (ماشة) وهي من الاكسسوارات النسائية واصلها سومري (ماش) يعني بالسومرية (رأس). مشط… في الاكادية (مشطو) ومنجل.. وتلفظ في الأكدية (نكالو) وهي آلة لجز العشب، وجرخ وتعني أسطوانه أو عجلة او شكل مدور وهي أيضا سومرية الأصل. ومنها اشتقت كلمة الكرخ للتعبير عن بغداد المدورة، وجنه (زوجة الابن) الكنة وأصلها سومرية (كن) وتطلق على الجارية، صرايف مفردها صريفة وهي من السومرية الأكدية بمعنى كوخ من القصب، و(صرياثا) في اللغة المندائية (صريفة) معناها العش أو الكوخ المبنى من القصب،.. وكذلك كلمة يبحوش باهش:أي يبحث بجد عن شئ ما أصلها من المندائية وهي من اشتقاقات اللغة الآرامية العراقية وما زال الصابئه يتكلمون بها، و(سنسول) تعني العمود الفقري وغالبا مايطلق على السمك وأصل الكلمة بابلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى