تاريخ

حفلة التنجيد

تراث شعبي مصري

بقلم د. محمود رمضان

منذ لحظة خطوبتي حتى زفافي عشت شهوراً مبهجة، بهذا تقول عروس احتفلت بعيد زواجها الثاني منذ أيام، استوقفتني وقالت: كان يوم التنجيد مبهجاً حقاً، فقد اشترى خطيبي غرفة نوم رائعة وجئنا بالمنجد ليأخذ مقاساتها، وحدد لنا كميات القطن وأنواع وألوان الأقمشة المطلوبة.


وجاء اليوم الموعود للتنجيد، فرشنا أمام بيتنا الريفي الواسع عدداً كبيراً من الحصير، وجاء المنجد وعماله بالماكينة والقوس وأدواتهم، وفردوا أجولة القطن والأقمشة الملونة المتنوعة، وجاء أهل العريس ليشاركونا فرحة التنجيد، وبدأ المنجد عمله مغتبطا بالزغاريد التي تطلقها البنات والسيدات، وغني شقيق العريس موال شعبي مضحك جدا يقول مطلعه «يا منجد علي المرتبة.. الواد بيحب الشقلبة»، فأثار ضحك الرجال وخجل البنات.
وقبل العصر دعا أبي المنجد وعماله للغداء معه، وحضر أشقائي وأعمامي وأخوالي تلك الوليمة الضخمة، وتناولت طعامي مع أمي وعماتي وخالاتي وجاراتي اللاتي كن يفضن بالمشروبات على المنجد وعماله.
استمر التنجيد حتى غروب الشمس، فأعطاهم أبي أجورهم ونال المنجد وعماله نقوطا سخية من أهلي وأهل خطيبي، ونقلنا المراتب والوسائد داخل بيتنا، وسط إطلاق الزغاريد.
بعدها بأيام نقلنا الأثاث كله لبيت العريس، كان موكب سيارات النقل طويلا، تحمل كل عربة قليلاً من الأثاث وكثيرا من شباب وبنات عائلتي وأعمامي وعماتي وخالاتي وأخوالي وجيراننا، وزادت البهجة عندما غنوا:
افرحي يادي الأوضة

جياكي عروسة موضة
افرحي يادي المندرة

جياكي عروسة سكّرة
افرحي يادي القاعة

جياكي عروسة الساعة
رشوا الشارع ميه

عروسة الغالي جاية
رشوا الشارع كاكولا

عروسة الغالي منقولة.
وأمام بيت العريس توقفت سيارات النقل ونزل منها الجميع وهم يحملون الأثاث والمفروشات بفرحة جميلة، وسط ترحيب جميع أهل عريسي وجيرانه، وانطلقت والدته في وصلة رقص فلاحي وغنى حولها شباب العائلة:
حلال عليك ست الحلوين

عرفت يا عريسنا تنقي
رشوا الملح يا ناس م العين

ورقصوني ده أنا من حقي
الليلة ليلة هنا وسرور

وكوبايات في صواني بتدور
زغاريد وتصفيق ورقص وأجواء مبهجة للغاية استمرت حتى منتصف الليل، ثم عدنا لبيتنا.
ولأن عمتي هي حماتي، فقد أهدتني هدايا كثيرة جداً ووضعتها في أثاثي، هي تحبني جدا لأنها أنجبت أولاداً ولم تنجب بنات، وكانت عمتي الأقرب لقلبي وتعدني ابنتها التي كانت تتمنى إنجابها، وبفضل الله زاد حبها لي بعد زواجي، وهي التي فاجأتني اليوم بحفل ضخم جهزته لي احتفالا بعيد زواجي الثاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى