أيتها القوى الفلسطينية.. عيب

عدنان الصباح

يبدو أن لا أحد فلسطيني يدرك أن دولة الاحتلال تجرنا دائما الى مواقعها وتضعنا في الزاوية التي تريد ورغم أن هذه السياسة قائمة منذ وجدت الحركة الصهيونية إلا أننا نواصل الانتقال معها وبنفس الآليات وعلى نفس الوتيرة ثم تتركنا حيث تريد وتتقدم هي بالاتجاه التي تعرفه اصلا.

الكل الفلسطيني انشغل بحكاية تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا احداهما ام كلاهما معا والبعض اعتبر ذبح القرابين في باحات الاقصى هي الخط الاحمر وشرارة اشتعال حرب لا نهاية لها ان فعل المستوطنين ذلك واطلق الكل الفلسطيني كل على طريقته ليحذر ويهدد بأن الرد على الذبح سيكون بالذبح واشعال لفتيل حرب لا يدري احد الى اين ستمتد وظهر الامر وكان العرب والمسلمين سينتفضون من اقصاهم الى ادناهم نصرة للأقصى والمقدسات الاسلامية.

بالمقابل ماذا فعلت حكومة وجيش دولة الاحتلال:

اولا: قدمت روايتها التي تريد واسمت منطقة الحرم القدسي الشريف بجبل الهيكل

ثانيا: تحدث رئيس حكومة الاحتلال عن حكومته كمسئولة عن الامن في كل ” ارض اسرائيل ” وبذا الغى حكاية الدولتين نهائيا

ثالثا: سمحت للمستوطنين بالدخول الى باحات الحرم القدسي الشريف كجماعات صغيرة وتحت حراسة جيشها

رابعا: حددت موعدا انتهى مع بداية العشر الأواخر من رمضان لتظهر امام من تريد انها تحترم مشاعر المسلمين

خامسا: أظهرت حكاية ذبح القرابين وكأنها من اختلاقنا ولا اساس لها من الصحة مع علمنا ومعرفتنا بان اليهود توقفوا عن ذبح القرابين لانهم يعتقدون انها لا تذبح الا امام الهيكل المزعوم.

خامسا: يدرك الكل الفلسطيني ان الصراع الداخلي بين جناحي اليمين المتطابق في الحكومة والمعارضة هي الاساس الذي يتحرك من خلاله الطرفان وان الآخرين يدورون في فلكهم بما في ذلك من يطلق عليهم اسم ” اليسار ” ان جاز التعبير.

سادسا: ان اطراف العملية السياسية الثلاث في الحركة الصهيونية لا هم لهم سوى ارضاء جمهورهم وكسب ثقة هذا الجمهور في حربهم ضد بعضهم وهم لهذا يتبارون من يدافع اكثر عن مصالح دولة الاحتلال ومين يستوطن اكثر ومن يهود اكثر ومن يقتل الفلسطينيين ويصادر ارضهم وينغص حياتهم.

ثامنا: الاخطر من كل ما مضى هو ان دولة الاحتلال قدمت لنا ما يشغلنا وواصلت جرائمها في الشيخ جراح وباقي الاجراءات لتهويد القدس ادراكا منها اننا ننشغل فقط بما هو الان وننسى قبل ثانية مما نحن فيه.

تاسعا: الاحتلال قام بمناورة وتجربة ميدانية حية لفحص قدراتنا ووجد ان ما قام به خارج ايام الجمع وفي الايام الخمسة للاقتحامات ان رد الفعل الفلسطيني في اليوم الاول كان في الذروة في حين خمدت المواجهات في الايام التي تلت.

عاشرا: ان الاحتلال ايضا اراد ان يفحص المواقف العربية والاسلامية والفلسطينية من افعاله فيما يخص المسجد الاقصى وارفق ذلك بإجراءات طالت المسيحيين الفلسطينيين وكنيسة القيامة ليضمن صمت العالم المسيحي ويجعله مقارنة لمن سيسكت من العرب والمسلمين وفيما عدا الموقف الاردني الاكثر وضوحا فقد جاءت باقي المواقف هشة وناعمة بل ان بعضها رأى في موقف الاحتلال حرصا على الهدوء كما هو الحال في محادثة وزير خارجية الامارات مع نظيره الاسرائيلي وكذا اعلان وزير خارجية تركيا نيته زيارة اسرائيل في هذا الوقت في حين جاء الخطاب الرسمي الفلسطيني محذرا من النتائج والفصائل الرسمية ايضا اعتمدت نفس النهج ولم يشارك في التهديد الجدي الملموس سوى فصائل المقاومة في قطاع غزة.

يبدو مرة اخرى اننا لا نريد ان تذكر ان هناك جريمة واحدة لا ثاني لها وهو الاحتلال بذاته واي حديث عن سلوك احتلالي هنا او هناك وجعله حجر الزاوية هو منح الاحتلال فرصة ان يفعل ما يشاء حيث يشاء في حين ننشغل نحن بما يريد لنا ان ننشغل به وحين نهدد بالانتفاض للأقصى اذا فعل الاحتلال كذا وكذا فان هذا يعني اننا لن نفعل شيئا اذا لم يفعل ويبقى السؤال الاهم ماذا عن الاحتلال نفسه للأرض الفلسطينية وماذا عن الاستيطان وماذا عن اللاجئين وماذا عن الحقوق الوطنية المشروعة برمتها.

بالمقابل فإننا نتحدث بأكثر من لغة ونقف على اكثر من جبهة ويبدو البعض منا يقوم بدوره من بعيد فيتحدث عن التضامن مع شعبه كما يفعل الغرباء ويبقى الانقسام شوكة في الحلق حتى اننا لم نتمكن من عقد اجتماع حقيقي واحد للقيادة الفلسطينية للتباحث والاجتماع الوحيد الذي اعلن عن انعقاده الغي قبل ان يلتئم ولم نفعل شيئا على الصعيد الرسمي سوى احتجاج هنا او بيان هناك ولولا الهيبة التي صنعها معركة سيف القدس العام الماضي وصورتها التي لا زالت حاضرة لضحك منا العالم وتركنا نتضامن مع انفسنا ما دمنا نتقن فن التضامن فلا حاجة بنا لتضامن الاخرين معنا ان كنا لا نتقن تضميد جراحنا والغاء فرقتنا لعلنا نتقن خوض معركتنا الوحيدة الواحدة ضد الاحتلال ووجوده وهو ما يضمن ان نكون بذلك ضد كل تداعيات هذا الوجود وان لم نفعل فان الكلمة الوحيدة التي على شعبنا ان يرفعها في وجه قيادته ” عييييييب “

أيتها القوى الفلسطينية عيب ان يستمر الانقسام … عيب ان تتوه البوصلة عن درب مقاومة الاحتلال كاحتلال لا بالقطعة وكرد فعل على افعاله … عيب ان يستمر حالنا على ما هو عليه بحيث تبدو المقاومة وكأنها افعال فردية ودور بعض القوى التأييد والتصفيق دون أي فعل حقيقي … عيب ان تتوقف قوى الثورة عن فعل الثورة … عيب أن يصبح النضال على شكل مقاولات هنا وهناك فيبدو وكأن البعض صاحب مقاولة مقاومة الجدار والبعض صاحب قضية الاقصى والبعض صاحب قضية الاستيطان وهكذا … عيب ان ننسى ما جرى امس ولا زال يجري لننشغل ما ظهر اليوم فقط وكان موضوعة أمس تصبح على الرف بالنسبة لنا لصالح موضوعة اليوم وهو ما يحصل مع موضوعة غدا … عيب ان ننشغل بأنفسنا ونحن نعلم ان الاحتلال لا يكف عن الانشغال بنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى