نظرة إلى عالم شعر مالك البطلي..کان لقاؤنا ريحًا وأنا شمعة
الكاتبة:بريسا شكوري – إيران
ترجمة: أصغر علي كرمي
مالك البطلي اسم مألوف لقراء الشعر والأدب الجادين في ايران هذه الأيام. هذا الشاعر الذي ترجم ديوانه “أصغر علي كرمي” العام الماضي تحت عنوان “ديدار ما باد بود” (كان لقاءنا ريح) ونشر في منشورات “تمدن علمي”، استطاع خلال هذه الفترة أن يؤسس مكانة كبيرة بين شعراء وقراء الشعر الفارسي. إن الذكاء الغني لهذا الشاعر الشاب جعله يتعرف على الطبيعة الرومانسية والعطاء للجمهور الناطق باللغة الفارسية من خارج الحدود، وبهذا المعنى فإن قصائده تعبر عن قضايا نفسية عميقة بلغة بسيطة وتفاجئ الجمهور.
تبدأ القصيدة الأولى من المجموعة على النحو التالي:
بلا إذن
نسيت روحي ترقص ما بين حَسَكِ راحتَيك
ما زللُ عينيك
يا فاطِمة
ضحكَتي ؟!
وما شأن صَبابة قلبي المَكسور ؟
وأنتِ بلا رأفةٍ ترَينَه يُعْتَصر كحبة
عَنَبٍ
علّه يَبتزُ فؤادَكِ
علَّ قلبك يَتصببُ عرقاً
لقد تَعبتُ مني تَعالَي
تَعالَي
أيتُها النَجْلاء وأَعيديني إليَّ
أنا لستُ فيَّ
فمذ أولِ غمزةِ
لِقاء هربتُ مني
وأنا الان بلا ملجَأٍ
لا تَربطَني أَيَّةُ صلةِ
رَحْمٍ بهذا الغبارِ الحَزين
أُحضنيني
واشطبيني منكِ.!
وما إِن
يسافرُ الدُجى
أَهنُفي
على صَدري
كما لو أَنكِ مزنةٌ مُتَمَلِملةٌ
تُعيدُ خَلْقي
اسكُبيني
بعيداً عن وَطني المُلتهب !
إنه ببساطة يدعو الجمهور إلى تحدٍ نفسي ويدعوه إلى أعمق طبقات عقله. وفي الوقت نفسه، تتمتع بلغة مقبولة ولطيفة تمت ترجمتها جيدًا إلى الفارسية بواسطة مترجمها الرئيسي، مما يجعل الجمهور الناطق بالفارسية لا يشعر بالغربة بسببها. وعليه فإن اكتشافاته الشعرية أصلية ونقية.
على سبيل المثال، يقول:
أَركضُ بأقدامٍ من دُخّان
باحِثاً عن حفنةِ ضوء تنتَشلُني من عتمة روحي.!
في هذهِ المدينة الموحِشة
أركضُ
أركضُ
وما إن يَأتي الصَباحُ
أقلَعُ قلبي المَحروق وأُطفَأُ بشفتينِ ظامئتَين..
مولاي
وحدك
تعلم بأن الشعراءُ الذينَ ترحلُ عنهُم
حبيباتُهم
يأفَلون بِبطء
مثل غَيمةٍ مُسافرة!.
كما ترى، في هذه القصيدة القصيرة، مع تكرار الفعل أركض، واستخدام الاستعارات مثل الدخان والنار والضوء، خلق جوًا غريبًا ومؤثرًا، يربطه أخيرًا بالعطش، و لهذا التقدير، حاول بهذه البنية اللغوية لإيصال المعنى للقارئ بسرعة أكبر، وبعبارة أخرى، حقق الأداء النصي..إلى جانب هذه التقنيات اللغوية والبنيوية، أكثر من أي شيء آخر، يظهر في قصائد مالك البطالي شعور صادق يأسر روح الجمهور.
وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى القدرات الشعرية المذكورة، فإن الشخصية الإنسانية لهذا الشاعر ونشاطه الثقافي، فضلاً عن جهوده الودية والمهنية في إقامة العلاقات مع الشعراء، هي سمات قيمة لا ينبغي تجاهلها.