همزة الوصل
مصطفى علي عمار
لقد تعددت المشاكل والأزمات داخل المجتمع وانتشرت اللامبالاة، وكثيرًا ما تختفي القيم وكلمة الحق التي انغلقت تحت اللسان… حتى أصبح اللسان جبانًا والعين عمياء. وكل ما حدث ويحدث من حامل الأمانة ورمز القيادة (الإنسان)، فالمجتمع نسق يتكون من أفراد وكل فرد له دور وواجب… فقيام الفرد بواجبه ودوره تجاه المجتمع، يجعل المجتمع في حالة ارتقاء وتقدم، وتخلي الفرد عن دوره للمجتمع وتمسكه بحب الذات يزعزع نسق المجتمع… فتظهر الأزمات والمشاكل، ثم يدور النسق ويتحول كل فرد داخل الأزمات على السواء، محبًا للذات ومخلصًا للمجتمع… فيا حبذا إن عرف الإنسان دوره وأيقن نهايته وبدأ في محاسبة النفس… محاسبتها على ما فعلت أولًا بأول، على ما هو صحيح والعمل على الاستمرار فيه، محاسبتها على الخطأ الذي ارتكبته وتأنيبها حتى يرتقي الإنسان بنفسه من الأهواء وأفعال الرزيلة وما تحث به النفس، إلى ما هو صالح للمجتمع وللنفس ذاتها… فهي أهداف الأديان السماوية التي تأمر بمحاسبة النفس قبل الحساب الأعظم والعمل على الصالح العام، والعمل بإتقان على اختلاف نوعية العمل، فنهايته عمل متقن له بصمة الإتقان لأن الضمير تحكم فيه… ذلك الضمير الذي يمثل الهمزة الحقيقية للتقدم والنجاح… فبه يطاع الوالدان ويتجنب الإنسان إرهاقهما من أي متاعب، وبه تراعى الأجسام من عدم إهلاكها في تعاطي المسكرات والمخدرات، كذلك إكرام الجار واليتيم، والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي العظيم، ومناصرة المسلمين في كل بقعة بالمال والدم والروح، وكل ما يأمر به إسلامنا العظيم فهو الواجب الذي يحركه الضمير، فإن محاسبة النفس ومراقبة الضمير تجعل الإنسان يقف بجانب الوطن، ويعرف ما هي حقوق الوطن عليه قبل أن يطالبه بحقه، ويعمل بكل جد واجتهاد كما يملى عليه الضمير… بأن ينكر كل ظلم وإن كان صغيرًا يراه أمام عينه، فيدرك أنه وإن طال به العمر فهو ميت… فإن أدرك هذا أصبح الضمير ميزانًا يزن به أعماله… فيجعل الأب يحسن تأديب ولده، والابن يحسن إلى أبويه والأجير يعطي العمل أقصى جهد له، والصانع يعطي أكثر الإتقان لصنعته والأديب يتحرر بقلمه إلى صالح الوطن، لا يخشى الموت، لأنه علم أنه إذا مات فسيكون شهيدًا لكلمة الحق… من هنا تنتهي أزمات المجتمع، ويصبح أكثر تماسكًا وقوة