أسباب كوارث البحث العلميّ في الأدب العربي
عمارة إبراهيم|شاعر وناقد مصري
الكتابة العلمية في الأدب العربي قسمان:
أمّا الأول: أن تكتب عن شيء سبقك فيه غيرك؛ فلابد من الاستشهاد بكتابات علمية في مضمارها، بشرط أن تجودها أفكارك التي تتسع منها الكتابة؛ فتكون لك رؤيتك فقط.
ملحوظة:
القليل من يمنحك من هذا النوع رؤيته؛فكثيرها تكون من المراجع والاستشهاد ولا نجد فبها غير الثابت، للأسف الشديد
وأمّا الثاني: أن تأتي أنت بالمعرفي عبر فكرة أو أفكار هي لك خالصة وتحوله إلي علمية بأدلته ويقين حضوره؛ فلا يحتاج إلى مراجع أو استشهادات إلا في مناطق التشابه معه أو الثابت الذي استحضرته الكتابة، حتي لا تتكرر السياقات والأدلة التي سبق ثبوتها.
ملحوظة ثانية:
هذا النوع هو المكروه لأنه يعري من يقوم عليه؛ سواء كان الفاحص أو الباحث أو الناشر؛ فعندنا في مجال النشر الأدبي العربي مثلا؛ تُقبل كتابة النوع الأول ولا تُقبل كتابة النوع الثاني!.
فالأولى: أن تحصل علي عنوان فكرة، تأخذها من غيرك ثم تعرج إلي مراجعها الموجودة في كتب سابقة علي أرفف مكتبتك؛ ثم تكتب ما يروق للفكرة التي حصلت عليها من غيرك، ثم تقوم بعملية طهي الكلام وترقيم مصادره وفيها لا تصبح كتابتك تمثلك بل تعد جريمة مستترة لم يصل إليها القانون الجنائي بعد. ولا بأس أن تذهب إلي جوجل وتحصل علي كتابة غير موثقة باسم كاتبها؛ فتحولها إلي بحث علمي محكم من سابقه (المرجع) لا يخصك ولا تملك حيثياته المعرفية قبل أن تتحول إلي علمية منك أو من غيرك الذي سطوت عليه!. والكارثة الأكبر أن المجلات المتخصصة التي تنشر لصاحب هذا النوع من الكتابة وتمنحه مقابلا ماديا كبيرا لا تنشر غير هذه الكتابة المفضوحة، ولا تنشر النوع الثاني من كتابة الفكر المعرفي؛ فتحوله إلي تأسيس لمفاهيم علمية قابلة للتنظير المحكم،وهو فكر الاجتهاد الذي غيبته هذه الدوريات وقد تسببت فيه وأنتجت كوارثنا في النقد الأدبي وعلومه، ومثلها أيضا أكاديميات الدرس الأدبي وبحثه وترقية من يقوم عليه. وهذه الأعمال لن تجدها غير عندنا نحن أبناء العربية؛ فتمثل حربا علي الفكر والبحث في المعرفي لإنتاج تأصيل علمي يخصنا، بدلا من البحث عن تأصيل لعلم لا يخص بيئتك وثقافتك ولغتك.
ملحوظة أخيرة:
لم أقدم بحثا لجهة ما أو دراسة أو مقالا لجهة نشر منذ سنوات.