رسالة إلى مليكي محمد السادس

صفاء لعشاشي | المغرب

                                                              بسم الله الرحمن الرحيم

                                           والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد

                          أما بعد…..

ملكي العزيز، ذاق صدري بهذا الكلام الذي كتمته منذ نعومة أظافري،  وإن كنت قد التزمت الصمت  فلا يمنعني إلا حبي لك،. وإن كنت الأن سوف أتحدث فذلك لأنني أحبك، أبا وقدوة وحاكما عزيزا علي، اليوم سأقفل عامي 28 وسأبدأ عاما جديدا، نعم ملكي اليوم سأطفئ شمعة أخرى كما انطفأ عمري وأنا في هذا الوطن، ضقت ذرعا من هذا الصمت الذي أغرقني  في غياباته، وسأبوح عما بداخلي يا ملكي.

اسمي صفاء لعشاشي أبلغ من العمر 28 سنة مسقط رأسي في مدينة أرفود التي تنحدر من إقليم الراشيدية، أبي كان جنديا في جيشك أفنى حياته فداءا لك ولهذا الوطن، ثلاتون سنة من الإخلاص ولازال مخلصا لك إلى يومنا هذا،  ورثت عن أبي كل صفاته وكل الحب الذي يحبك أنا أكن لك أكثر منه وليس طمعا في شيء يا ملكي العزيز، بل لأنني أراك بعين لا يراك بها البقية، أسمي نفسي ((عياشة)) وأفتخر  وإن كرهني البعض وأهانني البعض أنا هكذا إلى أن أموت.

تربيت في عائلة صغيرة أب وأم وأخوين وأخت، وأنا ، تقاعد والدي ثم تدهورت صحته  ولا معيل لهذه العائلة سوى هذه الابنة التي تكتب لك الآن ودون أن أتردد سأقول الحقيقة التي لطالما كتمتها.

عشت طوال حياتي وأنا محتفظة بالصورة الجميلة التي رسمها لي والدي عن هذا الوطن، لم يحالفني الحظ أن أكون من جنودك لأنني لم أكمل دراستي ولأنني فقيرة، في هذا البلد يا ملكي يعيش صاحب النفوذ  ويموت (الدرويش)، تأكد أيها الملك أن أجمل موت قد نعيشه في هذا الوطن وهو قبر يأوينا لأننا أنذاك سنذهب عند صاحب الحق الأكبر، الذي لا يميز بين غني وفقير ولا قوي ولا ضعيف، سنذهب عند الذي يرانا سواسية عراة لا ثوب لنا إلا خطايانا.

بدأت الصورة الجميلة تتبخر شيئا فشيئا،. وكأنها سراب، ولطالما حلمت وأوهمت نفسي بأن هذا الوطن مختلف عن غيره يا ملكي، لكن الحقيقة مرة، وما هو مخبأ في أعين كل مغربي وطني سأقوله الآن وسأتحمل كل ما أقوله، لأنني يا ملكي أقسمت أن أقول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.

لماذا نحن في هذا الوطن ولماذا تسمينا شعبك العزيز، مادمنا نموت أمامك في كل يوم ونحيى لكي ترانا نموت أمامك ألف مرة ومرة، لا أحملك الذنب يا ملكي لكنني امرأة أبحث عن حقي الذي ضاع مني طوال 28 سنة في هذا الوطن أنا أبحث عن هويتي يا ملكي العزير، كيف ننتمي لهذا الوطن ونحن نذوق مرارة الجوع والحرمان فيه، أخبرني يا ملكي العزيز؟ هل سيظل الحال على حاله؟

أنا لا أطلب شيئا من سيادتكم سوى أن أرى شعبك العزيز سعيدا و أبي قرة عيني سعيدا، وأمي أيضا، هي من تحملت غياب أبي المستمر في ((الحدود)) لأشهر وتقاسمت معنا رغيف الخوف و الوحدة في كل ليلة قضيناها بدونه، وهذا كله لأجلك ولأجل هذا الوطن، لقد كبر أبواي يا ملكي ولا معيل لهم إلا أنا، أنا الابنة والولد أنا من أرى ما يعيشانه من منظار لا يراه أحد غيري.

إني يا ملكي أطلب حقا من حق أي مواطن مغربي أن يطلبه، وإلا فمصيري  سيكون أن أهاجر إلى ديار أخرى، لأن ما أطلبه من حق، لم اخذه من وطني حبيبي وملكي العزيز لم يأبه لما يعانيه شعبه، من جوع وبطالة وقمع.

انا امرأة يا ملكي هل تعرف ما مررت به وما تمر به اي امرأة مثلي تبحث عن لقمة العيش الحلال؟

 طبعا لا تعرف، وأنا أعرف هذا، لأنك ترى ما تريد أن تراه، تستعين بأعوان يقدمون لك صورة المغرب الجميل الذي لا يعاني من أي شيء، المغرب الذهبي، لا يا ملكي العزيز، أعوانك ماذا فعلو لأجلنا؟

اغتصبونا في حقوقنا ومن يتكلم يا ملكي؟

أنا سأتكلم أنا سأقول ما كان في صدري يخنقني طوال أعوام، سأتكلم نيابة عني وعن أي جندي متقاعد وعن أي عاطل وعن أي امرأة عاهرة أو شريفة، سأتكلم إلى آخر نقطة في دمي، والتعرف يا ملكي أن كل دمي لأجلك.

عندما تقول شعبي العزيز، فهذا يعني أننا سواسية عندك ياملكي لا فرق بين هذا وذاك ولا بين برلماني وأستاذ، ولا بين بائع الخضار  وبائع السمك، فكلنا تجمعنا هوية واحدة وتراب واحد، لقد قلت ما عندي ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر

((فرد من شعبك العزيز يتحدث))

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى