مقال

المخرج للواقع الأليم لخير أمة أخرجت للناس

د. أحمد الطبّاخ | مصر

إن الناظر لحال الأمة يصيبه القلق والألم لذلك الواقع الذي لا يرضي الله عن حال أمة كانت خير أمة أخرجت للناس عندما يعود إلى تاريخ أمتنا يجدها عاشت موجات من القبض والبسط ومن المد والجزر، وقد تعثرت وقامت من عثرتها ونهضت من كبوتها، وهذا أمر معلوم والتاريخ عليه شاهد وناطق ، ولذلك يقول الشيخ الغزالي رحمه الله: عندما انظر إلى الواقع الكئيب أجد أعداءنا يتقدمون بخطا وئيدة، وخطط صريحة حينا ماكرة حينا اخر، ولكنها خطط مدروسة على كل حال محسوبة المباديء والنهايات لا مكان فيها للدعاوى والمغالطات ولا للارتجال والمجازفات…. تُرى لو كان معنا الآن ويرى ما يحدث في العالم العربي ماذا عساه سيقول: إن حال الأمة قد وصل إلى حالة من الضعف والانهيار لم تصل إليها أمتنا إلا أيام الاحتلال حيث بلغ النفوذ الغربي في أرضنا مبلغا كبيرا مع ضعفنا وانهزامنا.

إن الأمة كلها لم يعد لها حصن تعتصم به أو ملاذ تأوي إليه إلاحصن الدين وملاذ العقيدة، فالأيادي الخفية تسلل إلى أوطاننا تريد أن تغتال ديننا ولغتنا وعقيدتنا وعروبتنا وهويتنا فلم يألو هؤلاء جهدا أن يخططوا لفعل أي شيء من أجل إفناء الجنس العربي، واحلال بني اسرائيل مكانه، وكان من نكد الطالع أن تسلط بعض أبناء أمتنا ممن فتنهم الغرب بمدنيته حينا، وبديمقراطيته حينا وبثقافته ، فانبهروا بما رأوا من مظاهر مدنية خداعة، فدعوا تارة إلى الانسلاخ عن الدين وتقليد الغرب لنحقق التقدم الذي حققه الغرب عندما انسلخ عن المسيحية، وتارة دعوا إلى ديمقراطية وحقوق الإنسان التي تمسك بها الغرب فحقق ما يريد .

إن تقدم الأمة وقوتها لا يكمن إلا في شيء وحيد جعله الله شرطا لتمكيننا ونصرنا وهو شرط الإيمان ، وعمل الصالحات فبالإيمان يبطل الله كل كيد كاده الأعداء، وكل مكروه وكل تدبير كما قال رب العالمين في كتابه المبين :”وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ” فقوة الإيمان جعلها الله ضمانا وشرطا لنصرنا وتمكيننا ، وهذا ما يعرفه الغرب ويدريه ويعمل له ألف حساب ؛ لذلك يقيم السدود والحدود والمعوقات ليحول بيننا بين سر قوتنا ، بل فزع الغرب فعمل بكل ما أوتي من قوة حتى صرح سالا زار في حديث مع بعض الصحفيين قائلا: إن الخطر الحقيقي إنما هو ذلك الذي يمكن أن يحدثه المسلمون من تغيير نظام العالم ، فقيل له : إنهم في شغل عن ذلك بخلافاتهم ونزعاتهم فقال : إني أخشى أن يخرج من بينهم من يوجه خلافهم إلينا .

لذلك يحرص الغرب على أن يظل عالمنا العربي مهلهلا وممزقا لا تتوحد له كلمة ، ولا تتحقق له وحدة ولا تنهض له فكرة ؛ولا تقوم له نهضة علمية، وإنما يظل يدور في دائرة التخلف والتمزق والمرض حتي يظل لقمة سائغة للآكلين والمخططين والمدبرين ممن لا يريدون إلا كل شر فهل ستعي أمتنا ما يحاك لها ويدبر، أم أنه السبات والتيه الذي تعانيه وتعيشه خير أمة أخرجت للناس؛ ولذلك علي الأمة أن تعود ال٦ي صحيح الدين دون اتخاذه وسيلة لتحقيق أهداف سياسية، أو مكاسب شخصية ، وانما العمل من خلال مؤسسات كانت وما زالت تعمل علي نشر الوعي الاسلامي الصحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى