الصفحة البيضاء -أقاصيص نفسية
شيرين خليل | المنصورة
ذات يوم أخبرتني جدتي أن الإنسان كلما يزداد في العمر تتناقص قدراته الذهنية وقوته البدنية وتهشمه الأمراض وتصبح تصرفاته مثل الطفل الصغير،يحتاج دائماً لمساعدة الآخرين ،يشعر بالغربة فكل من حوله لايفهمه ويري أنه من زمن آخر لايُدرك تغير الزمن وتقدمه فهذه التجاعيد التي ملأت هذا الوجه تحمل في طياتها آلام وآمال ففي كل تجعيدة عمر مضى في كفاح وجهاد.
مرت الأيام وبدأت أُدرك معني ماقالته لي فكلما تقدم بي العمر أتذكر تلك الكلمات واقترب أكثر ممن تقدم بهم العمر
وهذا ما دفعني للإهتمام بأمي أكثر تقربت منها فوجدت أنني كنت مُقصره معها فهي تحتاج إليّ في كل شيء الأم التي كانت كالنحلة في عملها وبيتها أصبحت تنسى موعد الدواء، تنسى حتى موعد الطعام لا تعرف هل أكلت أم لا أصبحت بطيئة تتحرك بصعوبة المهام التي كانت تؤديها بسهولة اصبحت شاقة عليها وزاد الامر سوء حين وجدتها تفقد القدرة على التعبير والكلام لا تنام ولا تهتم بنفسها وصار الأمر مُقلق للغاية عندما وجدتها تنساني وتنسى من أنا؟!
انظر إلى وجهها فاجدها مثل الأطفال في الإندهاش والإنبهار لو نظرت إليها بحزن تحزن ولو نظرت إليها بفرح تفرح الشجرة المليئة بالثمار تساقطت منها الأوراق وجفت الثمار وأصبحت عارية أدركت وقتها أن الأمر خرج عن السيطرة ولابد من استشارة الاطباء ولكن بعد فوات الآوان فالوضع لم يكن بالهين فهل يعود الزمان ..لم يكن أمامنا إلا التعايش وبداخلنا شعور الآسى
كنت أعتقد في البدايه أنه شيء طبيعي لم أدرك أنه ناقوس يدق باب الخطر وأنه البداية لعملية مسح مسح للذاكرة حتى أصبحت الذاكرة مثل الصفحة البيضاء