لأنَّكِ خاتِمتي

أجود مجبل-شاعر عراقي

شكراً لعينيكِ
إذْ آوي لعُشبِهــــــــما
مُجرَّحاً بغموضِ الريحِ والبردِ

شكراً
لأنَّك قنديــــــلي ومِدفأتي
وآخِرُ العبقِ المخلوطِ بالوجدِ

أنا المسافرُ
في أرجاءِ أغنيةٍ
جاءتْ من الوطنِ المضفورِ بالجُندِ

الأرضُ حَولي
مُغطّاةٌ بمَن حُذِفوا
على هزيعٍ من الأخطاءِ ممتدٍّ

جميعُ مَن أودعوني وقتَهم
نضَبوا
مع السنينِ التي فَرَّتْ بلا قصدِ

لا أمسَ لي كانَ
إلاّ محضَ هاويةٍ من السواداتِ
مصلوباً بها وحدي

حتى أشَرْتِ لعصفورٍ على شفتي
لكي يطيرَ
وينسى قِصَّةَ القَيدِ

من قَبلِ صوتِكِ لا معنى لأغنيةٍ
ودُونَ وجهِكِ
كلُّ الأرضِ لا تُجدي

فأنتِ وحدَكِ
مَنْ سالَتْ أصابعُها على الغروبِ
ففاحتْ زهرةُ الوقدِ

لا نجمةٌ غيرَها
مرَّت على سهري
ولا سحابٌ سواها ممطراً عندي
**********
حبيبتي ،
أنا أسرابٌ مؤكّدةٌ من اليتامى
وصحراءٌ من الفقدِ

فقرِّبي وجهَكِ النهريَّ من ظمئي
وحدثيني
عن الأمواجِ والمَدِّ

وعن حُشودٍ من الأيامِ
راحلةٍ نحو النهاياتِ
حشداً ضاعَ في حشدِ

فكمْ حلَمْنا طويلاً
والأسى مُدُنٌ
وكمْ شجانا حديثُ النحلِ للشهدِ

وكُلّما ابتعدتْ عنّا المياهُ
نَما حزنٌ وسيمٌ
سَقيناهُ على بُعدِ

كُنّا تركْنا
نثيثاً من طفولتِنا
على صُراخٍ وراءَ الحربِ مُسْودِّ

وما نسِينا
حفيفَ الضوءِ في دمِنا
ولا شَميمَ عَرارٍ فاحَ من نجدِ

لو غادرَتْ أوجُهُ العشاقِ
هائمةً عطشى ،
ستبقى مَراياهم على العهدِ
**********
الشمسُ طفلتُنا الشقراءُ
مذْ ولِدَتْ تكلمَتْ
رَغمَ عُنفِ الليلِ في المهدِ

إنْ أنتِ
لمْ تُقْنعي بالأفْقِ نافذةً ،
فمَنْ سيكسِرُ جُدرانَ الغدِ الصلْدِ

وإنْ أنا انطفأتْ فيَّ الكُرومُ ،
فمَنْ تُرى
سيقترحُ الأشجارَ من بعدي

لا موجةٌ أنجبَتْها الريحُ غيرَ يدِي
أيامَ تَنسلُّ من إيمائها الأيدي

حبيبتي ،
منذُ ما لا يُستعادُ من البُروقِ يوماً
وما لمْ يبقَ من رعدِ

ونحن طفلانِ
قبلَ النرجسِ اكتشفا
أنَّ الفراشاتِ قد تأتي بلا وعدِ

فهاهُما الآنَ
يختطّانِ في شغَفٍ
مَمالِكَ العشقِ مخضوبَينِ بالسهدِ

سارا وئيداً
وعيدٌ رائعٌ بِهما
وفرحةُ الماءِ إذْ يعلو على السدِّ

**********
شكراً
لأنّكِ مَولاتي وخاتِمتي
وما تبَقَّى من الأنهارِ والوردِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى