
عادل جبار الربيعي| أكاديمي من العراق
قد يبدأ نزيف الذاكرة عند المرور بموقف أو مشاهدة حالة إنسانية نعيشها نحن أو من هو قريب منا فتعود سلسلة طويلة من الأحداث التي تنغص علينا ساعات جميلة لن تعود أبدا ويبدو أن الدنيا هكذا دائما تدور أحداثها ولا تسير بنسق واحد ولابد أن نمر بكل الأدوار من الفرح والسعادة الكبيرة والحزن والفجيعة والرتابة وأشياء أخرى.
حكاية واقعية هي ليست من تاليف شكسبير كروميو وجوليت ولا أحمد شوقي بقيس وليلى ولاغيرها. إنها من أرض الواقع وحدثت في العراق وبالتحديد في محافظة ذي قار.. قصة تالا، تعود إلى العام ١٩٨١، حينما بدأت شركة درومكس البولندية إكساء الطريق السريع ما بين الناصرية والبصرة، حيث كان حبيبها، يعمل في هذه الشركة. عند قدوم حبيبها إلى المدينة ظلت تراسله عبر البريد طوال تواجده في العراق، وعند أعياد الميلاد في نهاية عام ١٩٨١، أخبرت حبيبها بأنها ستبعث له هدية خاصة بعيد الميلاد، وفي مطلع عام ١٩٨٢، كانت الهدية، هي مجيئها من بولندا إلى العراق والذهاب إلى الناصرية لرؤيته، ولكنها تعرضت إلى حادث بالقرب من مكان عمل حبيبها وتوفيت.
بالقرب من المشروع حيث صعق الجميع بهذا الحادث المأساوي. وعند وفاتها، جن جنونه وقرر حبيبها أن يدفنها بالقرب من مقر عمله وكان يجلس يوميا قرب الشاخصة ولسنوات بانتظار عودتها. وحينما أنهت الشركة أعمالها بعد سنوات، رحل مجبرا بفعل الظروف التي حتمت عليه المغادرة وظل القبر هكذا وحيداً تحتضنه رمال ذي قار الساخنة ويبتل بقطرات المطر يقاوم كل الظروف التي تحيط به بانتظار طيف قد يمر به، يزوره في الحين والأخر بعض المارة يريدون معرفة صاحب القبر، وفي بعض الأحيان يزوره المثقفين والشباب ويضعون بعض الزهور أو ماء الورد بحسب عادة الناس هنا لزيارة القبور”.
تالا التي صنعت كل شيء من اجل حبيبها ولازالت ترقد في عجلتها المسرعة بانتظار اللقاء
…حبيبها الذي لايزال ينتظر عودتها من جديد وبانتظار المفاجاة الكبيرة.. ترى من الذي غيبه الموت تالا أم حبيبها ومن هو السعيد الآن، كم من الأحياء بأجسادهم لكن قلوبهم ميتة بانتظار الإعلان الرسمي السريري.. أيتها الشواخص أخبرينا عن ابطالها.. ربما انتم الأوفر سعادة منا.



