
بقلم: حنان بدران
روحي ما زالت تطارد جسدك المائي، قبل أن تسمعني كلماتك.
ما زال ذلك الجسد شاهدَ عيانٍ على حضور الروح في صمتٍ.
آه…
كم لمحتُ عبر جسدك المتدفّق جنونًا،
ولمحت هبوب روحك صوب المستحيل.
تنهد العاشق فيك كغبارٍ مضيء.
وصدقتك، كما كل حمقاوات الكوكب،
يَضِئن وهن يصدّقن كذبة الرجال التاريخية.
أمضي لأنسى تاريخ حبال مشانقك.
ولا حيلة لي إلا أن أعود للكتابة،
كما تعود امرأةٌ إلى حبيبها الأول الذي هجرته.
في غرق الهذيان،
أدسّ يدي في قميص المجانين،
أعقدها للخلف،
خشية أن أسطر شيئًا لا أحتمله.
أتلو على أذن الرماد الذكريات التي جمعتنا،
ونحن نحلّق كعصفورين منذ قرونٍ بعيدة.
وفجأة…
شبّت النار في أجنحتنا بالندم.
أقرأ رسالتك الأولى.
كلامنا.
عناقنا…
وأقرّ لنفسي أنني صرتُ غريبة.
فمنذ امتلاء حقول القلب بالألم والوجع والانكسار،
بدأتُ أختَرع حبًّا للآخرين على الورق.
أتذكّر حقول غيابك الطويلة…
كأنك اثنان لا واحد.
وأنا أقلب كل الأقنعة واحدًا تلو الآخر.
ألمح بينهما قلبًا عاريًا،
كعصفور نقر البيضة من الداخل حتى انكسرت.
غادرها…
أدار ظهره دون أن يقول وداعًا،
ولم يتذكر من احتضنته بالدفء والحنان.
ظنّ أنه يترك لي قبرًا مظلمًا لأحدّق فيه.
من انعكاس روحك فهمتُ:
أنك تريد جاريةً لوسامتك،
ورغباتي لها صمت الألم وندى الجرح.
لتردّ روحي عليه:
روحك تسدل ستائر سوداء،
وروحي تنعم في غلالة الغيم البيضاء في أعالي السماء…!!!



