صامتٌ ليلنا

الشاعر أدونيس

خَرَجَ الوردُ من حَوْضِهِ

لمُلاقاتها،

كانتِ الشَّمسُ عُريانةً

في الخريفِ، سِوَى خَيْطِ غيمٍ على خَصْرها.

هكذا يُولَدُ الحبُّ

في القريةِ التي جئتُ مِنها.

2

نهضتُ أسألَُ عَنكِ الفجرَ: هَل نَهضَتْ؟

رأيتُ وجهَكِ حولَ البيتِ مُرتَسمًا

في كلِّ غصنٍ. رميْتُ الفجرَ عن كَتِفي:

جاءَتْ

أمِ الحُلمُ أغواني؟ سألتُ ندًى

على الغُصونِ، سألتُ الشَّمسَ هَل قرأتْ

خُطاكِ؟ أينَ لمستِ البابَ؟

كيفَ مَشى

إلى جوارِكِ وَرْدُ البيتِ والشجرُ؟

أكادُ أشطرُ أيامي وأنْشطرُ:

دَمي هناكَ وجسمي هَا هُنا – وَرَقٌ

يجرُّهُ في هَشيمِ العالمِ الشَّرَرُ.

3

صامتٌ ليلُنا.

مِِن هُنا زهرٌ ينحني،

مِن هنالك ما يُشبه التَّلعثُمَ.

لا رجَّةٌ، لا افتتانْ.

ليلُنا يتنهَّد في رئتَينا

والنوافذُ تُطبِقُ أهدابَها.

– تقرأين؟

– ضَعِ الشايَ. ضوءٌ

يتسرَّبُ مِنْ جسدينا إلى جسدينا

ويغيِّر وَجْهَ المكانْ.

4

هكذا – في عِناق الطَّبيعةِ والطَّبْعِ، نعصفُ أو نَهْدأُ،

لا قرارٌ، ولا خِطَّةٌ – عَفوَ أعضائِنا

ننتهي، نَبدأُ.

جسدانا

كوكبٌ واحدٌ.

نتبادَلُ أحزانَنا،

نتبادَلُ أحشاءَنا،

جسدانا دَمٌ واحِدٌ.

نحن صِنْوانِ في الجرحِ: مفتاحُ أيامِنا

ومفتاحُ أفراحِنا وأحزانِنا،

جَسدانا.

5

فَكَّتِ الأرضُ أَزرارَها، وسارَتْ

حُرَّةً في خُطانا،

عندما سألتْنا وقلنا:

نعرفُ الحبَّ يا أرضَنا. جَبَلْنا

طينَنا مِن هَباءِ مسافاتِهِ، وجَبَلْنا

فتنةَ القمرِ المتشرِّد في طَمثهِ بأوجاعِنا،

ورسَمْنا

كُلَّ ما لا يُرى مِن تقاطيعهِ،

بتقاطيعِنا.

هي ذي أرضُنا، –

نتوقَّعُ أن يعشقَ الحبُّ أسماءَه

كيفما دُوِّنَتْ

في دفاتر أيَّامِها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى